لم تكن عملية ترشيح الإخوان المسلمين في مصر لنائب المرشد خيرت الشاطر في السباق الرئاسي، قفزة في الهواء. فالحركة التي تتمتع ببعد النظر، وتحسب حساباتها بدقة، لم تقدم على هذه الخطوة الخطيرة، إلا بعد دراسة معمقة في المردود السياسي والعملي، بسلبياته وإيجابياته على مستقبلها في المجتمع المصري أولا، وانعكاساته على المحيط.

لم تخف الحركة ولا الشاطر، ولا المسؤولون الأميركيون الاتصالات بينهم، عبر سفيرة الولايات المتحدة في القاهرة، أو عبر الموفدين الذين زاروا مصر في حقبة ما بعد ثورة 25 يناير. وربما الذي قلب مواقف الإخوان من الانتخابات، ما لمسوه من ضوء أخضر أميركي وتشجيعهم على خوض غمار المعركة، بعد تطمينات الإخوان للجانب الأميركي أن ما أبرمه النظام السابق من اتفاقيات ومعاهدات لن تمس، وخاصة اتفاقية كمب ديفيد واتفاقية الغاز مع إسرائيل، وهو ما كان يقلق واشنطن في مرحلة الثورة الأولى.

بدت انتهازية الإخوان واضحة للمصريين قبل غيرهم، فهم ركبوا موجة الثورة، ولم يكونوا مطلقيها، وحصدوا الغالبية في مجلسي الشعب والشورى، بعد إعلانهم، أنهم لن يرشحوا إلا عددا محدودا، وعادوا عن وعدهم بعدم ترشحهم للرئاسة، وفصلوا عبدالمنعم أبو الفتوح لأنه أعلن ترشحه، وهم اليوم يخوضون معركة تنظيمية داخلية، لأن مصداقيتهم أصبحت على المحك، قبل أن تطال الأنصار والمحازبين ممن لا يحملون بطاقات إخوانية.

ما يسربه الأميركيون عن الصفقات بين الإخوان وواشنطن، ليس في مصلحتهم بشيء.والأهم من ذلك أن يعرف الشعب المصري ما يخبأ له في المستقبل.