ولا تقتصر إنجازات المملكة خلال السنوات الخمس الماضية على مجال دون غيره، ولا تختص بجانب معين، بل تواصلت -بحمد الله وتوفيقه- على كافة الأصعدة والمحافل، ففي ميدان الاقتصاد تقف الإنجازات شاهدة لتتحدث عن نفسها، حيث تتوالى المشاريع الضخمة التي سيكون لها حتما عائد إيجابي كبير على مسيرة التنمية، ونتيجة لما تتمتع به المملكة من بنية تحتية متطورة ومنظومة قانونية متكاملة تحفظ حق جميع الأطراف، فقد أضحت بلادنا قبلة للمستثمرين الأجانب وأصحاب رؤوس الأموال من كل أرجاء العالم، يتسابقون في سبيل الفوز بفرص الاستثمار الهائلة المتوفرة على أراضيها، بعد تأكدهم أن حقوقهم مصانة وأموالهم محفوظة ودماءهم معصومة، كل ذلك في أجواء من الأمن والأمان وسريان حكم القانون بصورة قلّ أن يوجد لها مثيل.
على الصعيد الاجتماعي فقد واصلت المملكة مسيرة التحديث والإصلاح والتطوير في بنيتها الاجتماعية، وتم منح المرأة مزيدا من الفرص للانطلاق في مجال العمل العام والخاص، ضمن إطار ما أقره لها الشرع، وكفلته لها القوانين المستمدة من كتاب الله وسنة نبيه، عليه أفضل الصلاة والسلام، حتى تسهم في زيادة الناتج القومي، وتؤدي ما عليها من أدوار منتظرة في سبيل تحقيق النهضة المنشودة.
كما تم في الإطار ذاته الاهتمام بشريحة الشباب الغالية على قلوب كافة أبناء هذه البلاد، والتي توليها القيادة جلّ اهتمامها، وتأخذ في الاعتبار مصلحتها عند إقرار كافة القوانين والتشريعات والتوجيهات، إدراكا لحقيقة أنها أمل الأمة وأنفَس ما تمتلكه، لذلك يجري الاهتمام بمساعدة الشباب على طرق أبواب المستقبل حسبما يناسبهم، كلٌّ على قدر مؤهلاته ووفق مقدراته ورغباته.
وفي مجال الأداء الحكومي، واصلت المملكة مساعيها لإكمال منظومتها التشريعية، حيث شهد العام الماضي جهودا متواصلة في هذا الإطار، لتلبية ما تستلزمه متطلبات النظام العالمي، وانضمام المملكة إلى عدد من الاتفاقيات الدولية، مثل منظمة التجارة العالمية.
كما استمرت الحرب على الفساد بكافة أشكاله، المالي والإداري بلا هوادة، وبنفس القوة التي بدأت بها، وما زال حادي الركب وقائد المسيرة يشدد على أنه لا يوجد من هو فوق القانون، أو أكبر من المحاسبة، وأنه لا سبيل سوى تعزيز قيم الشفافية والنزاهة، وأن يد العدالة سوف تطال كل مفسد «كائنا من كان»، وفق التعبير الشهير لخادم الحرمين الشريفين.
كل تلك الإنجازات تحققت على ضوء رؤية المملكة 2030، التي يرعاها ويشرف على تنفيذها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، بهدف إحداث التغيير المنشود في اقتصاد البلاد ومجتمعها، وتحقيق الإضافة المرجوة.
وبطبيعة الحال فإن مثل هذه المساحة لن تكفي لحصر الإنجازات التي تحققت خلال السنوات الخمس الماضية، والتي وإن كانت قليلة بقياس الزمن والسنين إلا أنها طويلة جدا بحساب الإنجازات والمكتسبات. وليس في ذلك عجب، فمن يقود سفينة هذه البلاد المباركة هو ربان ماهر، اختصه الله -سبحانه وتعالى- بالقدرة على رسم المستقبل، والتخطيط السليم، والقدرة والمثابرة على بلوغ الهدف، وبُعد النظر ونفاذ البصيرة والرؤية السديدة، وإصراره على تحقيق العدل والإنصاف بين الجميع، قناعة بأن العدل هو أساس الملك، وأن الدول التي تقوم على الحق لن تعرف طريق الاندثار والتراجع. كل تلك الصفات النبيلة والمثل العليا أسهمت في كتابة تاريخ جديد لهذه البلاد التي حققت -بفضل الله- نهضة حقيقية، وتقدما في كافة المجالات.
ولأن ديننا الحنيف يأمرنا بمقابلة الإحسان بمثله، وتقدير عطاء الآخرين وشكرهم، فإن الواجب يستلزم منا المسارعة إلى تجديد الولاء والوفاء للقيادة الرشيدة، وتعزيز قيم الانتماء لهذه البلاد المباركة، ليس بالقول فقط، وإنما بترجمة تلك المشاعر الصادقة إلى أفعال على أرض الواقع، عبر تعزيز اللحمة الوطنية، وصيانة الجبهة الداخلية من كل محاولات الاختراق، والوقوف صفا واحدا وراء ولاة الأمر، وأن يبادر كل من اختصه الله بالانتماء إلى هذه البلاد التي شرفها بأن جعلها مهبط وحيه، وحاضنة حرميه، ومهد رسالته، إلى أن يكون عينا تسهر على الصالح العام، ويدا تذود عن حياض الوطن، كلٌّ في مجاله واختصاصه.
علينا إدراك حجم التآمر الذي تتعرض له بلادنا، ومقدار ما يعتمل في نفوس أعداء النجاح من غيظ، ومدى الحقد الذي اسودّت به قلوبهم ونفوسهم، وألا نمنحهم الفرصة للنيل من بلادنا التي هي أعز ما نملكه، وألا نستمع لما يرددونه من إشاعات وأراجيف وأحاديث إفك، فكلها مردودة عليهم، ولن يحققوا من ورائها ما يريدون، لأن مسيرة نجاحاتنا متواصلة، بإذن الله، وسلسلة إنجازاتنا لن تنقطع، وقوافلنا سائرة في طريق التفوق والمكتسبات، لا تلتفت إلى الوراء، ولا تلقي بالا لناعق أو نابح.