كشفت وثائق سرية مسربة من أرشيف الاستخبارات الإيرانية، حصل عليها موقع The Intercept ونشرت بالتزامن في الموقع وكذلك صحيفة «نيويورك تايمز»، أنه بعد شهور من عزل الرئيس المصري الراحل محمد مرسي، وفي أحد فنادق تركيا التقى مسؤولون في فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني مع أعضاء من جماعة الإخوان المسلمين، وكان الهدف هو التحالف والتآمر ضد السعودية.

وقالت الصحيفة والموقع الأميركيان إنهما تحققا مما يقارب 700 صفحة من تقارير كتبت في عامي 2014 و2015 من قبل وزارة الاستخبارات والأمن الإيرانية، وأرسلت إلى «ذا إنترسبت» من قبل شخص رفض الكشف عن نفسه.

القمة السرية


وصف موقع «ذا إنترسبت» هذا الاجتماع بـ»القمة السرية» لكونها جمعت منظمتين خطيرتين في الشرق الأوسط، ووفقا للوثائق فإن القمة السرية جاءت في لحظة حرجة لكل من فيلق القدس وجماعة الإخوان، وبالتحديد في أبريل 2014، حيث كان الجيش العراقي يواجه داعش الذي كان يهدد استقرار الدولة المجاورة لإيران.

بينما كانت جماعة الإخوان المسلمين تعاني بعد إزاحة الجيش حكومة الإخوان والرئيس المحسوب على التنظيم محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013.

جاسوس إيراني

ما لم يكن يعرفه الطرفان، أن جاسوسا كان يحضر القمة، ويسجل كل ما يدور في الاجتماع، وهو ممثل وزارة الداخلية الإيرانية التي يزعجها دور الحرس الثوري ومكانته في جهاز الأمن القومي الإيراني.

كانت تركيا تعتبر مكانا آمنا للقمة، حيث كانت واحدة من الدول القليلة التي تربطها علاقات جيدة مع كل من إيران والإخوان المسلمين في ذات الوقت، رغم أنها رفضت منح تأشيرة دخول لقائد فيلق القدس قاسم سليماني، بحسب الوثيقة المسربة من وزارة الداخلية الإيرانية.

وحضر الاجتماع وفد رفيع المستوى من فيلق القدس، بقيادة أحد نواب سليماني، عرف في الوثيقة باسم أبو حسين، فيما حضره من جانب الإخوان ثلاثة من أبرز قياداتها المصرية في المنفى وهم نائب المرشد العام لجماعة الإخوان والأمين العام للتنظيم الدولي إبراهيم منير، ومحمود الإبياري، ويوسف ندا.

غير أن يوسف ندا أنكر في مقابلة مع «ذا إنترسبت» حضوره هذا الاجتماع وقال «لم أحضر مثل هذا الاجتماع في أي مكان، ولم أسمع به أبدا». ويقول الموقع إنه لم يتمكن من الوصول إلى منير والإبياري للتعليق.

عدو مشترك

افتتح وفد الإخوان الاجتماع بالتفاخر بأن «الجماعة لديها حضور في 85 دولة على مستوى العالم»، ربما كانت محاولة منهم لمواجهة دعم الحكومة الإيرانية لفيلق القدس، حيث لم تكن لجماعة الإخوان المسلمين في ذلك الوقت قوة وطنية تقف خلفها.

وأكد وفد الإخوان أن هناك بالفعل خلافات بين إيران كرمز وممثل عن الشيعة والإخوان المسلمين كممثل للعالم السني، لكنه أكد أنه «ينبغي التركيز على أرضية مشتركة للتعاون، وأن العدو «المشترك لكل منهما هو كراهيتهما للمملكة العربية السعودية».

وبحسب الوثيقة، بحث الطرفان إمكانية التعاون ما بين الحوثيين وجماعة الإخوان المسلمين في اليمن لتقليل الصراع بينهما وإدارته ناحية السعودية. في الوقت ذاته، أرادت جماعة الإخوان المسلمين إحلال السلام في العراق، ووقف الحرب بين الفصائل السنية والشيعية هناك، وإعطاء الفرصة للسنة للمشاركة في الحكومة.

وحول سورية أشارت الجماعة إلى أن الوضع المعقد «خارج سيطرة كل من إيران وجماعة الإخوان حاليا، ولذا فإنه ليس ثمة شيء يمكن فعله حيال ذلك».

ورفضت الجماعة في الاجتماع أي مساعدة من إيران بشأن الأحداث في مصر «بالنسبة لقضية مصر، فإننا كجماعة الإخوان غير مستعدين لقبول أي مساعدة من إيران للتأثير ضد الحكومة في مصر»، رغم أن الجماعة كان قد تم إزاحتها من الحكم واعتقال قياداتها في مصر قبل أقل من عام.

فشل

ورأت برقية وزارة الداخلية الإيرانية أنه على الرغم من السعي الواضح لجماعة الإخوان لتشكيل تحالف، فإن الوفد ربما أراد إهانة فيلق القدس بهذا الحديث من خلال التلميح بأن إيران تستخدم القوة في سورية واليمن والعراق، وقالوا إن «أعضاء جماعة الإخوان المسلمين دربوا أنفسهم على التحلي بالصبر أكثر من الإيرانيين».

واستخدم الحرس الثوري جزءا من قواته في سورية لدعم نظام الأسد، كما يدعم ميليشيات مسلحة وارتكبت فظائع ضد السنة في العراق ويدعم الحوثيين ضد الحكومة الشرعية في اليمن.

وكان بعض الخبراء قد عارضوا رغبة إدارة الرئيس دونالد ترمب وضع جماعة الإخوان على قوائم الإرهاب، مبررين أنها لم تتورط في أنشطة إرهابية.

وربما قرر قادة الإخوان الذين حضروا الاجتماع أن يكونوا صريحين مع نظرائهم الإيرانيين خاصة بعدما شعروا أن الإيرانيين غير مهتمين بتشكيل تحالف، وأصبح من الواضح أن الجانبين يتحدثان فيما بينهما فقط.

ورغم أن ممثلي فيلق القدس اختلفوا مع رؤية وجوب بناء تحالف شيعي سني، فإنهم أصروا على أنهم لم يختلفوا سابقا مع جماعة الإخوان، وهو ما لم يقبله وفد الإخوان.

وبدا واضحا فشل المحادثات بين الطرفين، ولم يتضح من الأرشيف المسرب ما إذا عقدت اجتماعات أخرى من هذا النوع بعد ذلك. وكشفت تلك الوثائق حقائق عن الدور الخفي لإيران في العراق وتعزيز نفوذها والسيطرة على مفاصل الحكم في الدولة الجارة.

نفوذ طهران في العراق

كشفت التقارير الاستخباراتية الإيرانية المسرّبة عن عمق نفوذ طهران في العراق الذي يشهد احتجاجات منذ أسابيع عدة، بحسب ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز وموقع ذا إنترسبت الاثنين. وقدمت الوثائق «صورة مفصلة عن مدى القوة التي عملت فيها طهران لترسيخ نفسها في الشؤون العراقية، والدور الفريد للجنرال قاسم سليماني».

ويعتبر سليماني، وهو قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، رجل طهران الأساسي في العراق الذي يتردد إليه بشكل متكرر في أوقات الاضطرابات السياسية.

وفي خضم أكبر وأكثر الاحتجاجات دموية في العراق منذ عقود، ترأس سليماني اجتماعات في بغداد والنجف خلال الأسابيع الأخيرة، لإقناع الأحزاب السياسية برص الصفوف حول رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي. وفي أحد التسريبات الإيرانية، يوصف عبدالمهدي بأنه كانت له «علاقة خاصة» بطهران حين كان وزيرا للنفط في العراق عام 2014. وقال مكتب رئيس الوزراء إنه «لا يملك تعليقا» على التقرير في الوقت الحالي.

وذكرت الوثائق أيضاً أن رئيسي الوزراء السابقين حيدر العبادي وإبراهيم الجعفري، ورئيس البرلمان السابق سليم الجبوري، هم سياسيون لهم صلات وثيقة بإيران.

ووفقا لصحيفة «نيويورك تايمز»، تمكنت طهران من حصد المزيد من المكاسب والنفوذ بعد انسحاب القوات الأميركية من العراق في العام 2011، والتي قالت إنها تركت المخبرين العراقيين لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية «عاطلين ومعدمين».

وقال التقرير إن هؤلاء لجأوا بعد ذلك إلى إيران، وقدموا معلومات عن عمليات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه) في العراق، مقابل أموال. وفي أحد الأمثلة، تشير الصحيفة إلى أن ضابطا في الاستخبارات العسكرية العراقية سافر من بغداد إلى مدينة كربلاء المقدسة لدى الشيعة، للقاء مسؤول في المخابرات الإيرانية. وخلال الاجتماع الذي استمر ثلاث ساعات، قال المسؤول العراقي إن رئيسه، الفريق حاتم المكصوصي، أخبره أن ينقل رسالة إلى إيران مفادها أن «جميع استخبارات الجيش العراقي، اعتبرها تحت أمرك».

وعرض المكصوصي تزويد إيران بمعلومات حول نظام سري أنشأته الولايات المتحدة للتنصت على الهواتف العراقية، يديره مكتب رئيس الوزراء والاستخبارات العسكرية، وفق التقرير نفسه.

أهم المعلومات التي كشفتها الوثائق

- اجتماع بين الحرس الجمهوري والإخوان المسلمين في تركيا كان الهدف منه التآمر ضد السعودية

- مثل الإخوان في هذا الاجتماع كل من إبراهيم منير ومحمود الإبياري ويوسف ندا

- بحث الطرفان إمكانية التعاون ما بين الحوثيين والإخوان في اليمن لإدارة الحرب ناحية السعودية

- الحرس الثوري هو من يشرف على وضع سياسات إيران في العراق ولبنان وسورية

- تعيين السفراء بهذه الدول لا يكون من السلك الدبلوماسي إنما من الرتب العليا في الحرس الثوري الإيراني

النفوذ الإيراني في العراق

- تعيين مسؤولين رفيعي المستوى في العراق على علاقة وثيقة بطهران

- استقطاب مخبرين عراقيين سابقين لوكالة الاستخبارات الأميركية للعمل لصالح إيران بعد انسحاب أميركا في 2011

- تركزت مهمات جواسيس إيران في العراق على منع وجود مسلحين من الطائفة السنية على الحدود الإيرانية

- سعي سليماني لإبقاء ولاء العراق كدولة تابعة لإيران وبقاء الموالين لإيران في السلطة

- تأجيج الحرب الطائفية السنية - الشيعية كان أهم أهداف إيران في العراق

- حيدر العبادي وإبراهيم الجعفري وسليم الجبوري كانوا على صلات وثيقة بإيران

- ترأس سليماني اجتماعات في بغداد والنجف مؤخرا الهدف منها إيقاف المظاهرات