من شرفة الليل يهمي ضوءك الساري

من خيمة الشعر يحلو بحرك الجاري

ملأت دنياك أحلاما مسنبلة


تعلل الروح في صفو وأكدار

كرجفة البوح في وجدان عاشقة

كشادي الأيك في أعطاف آذار

طلعت بين صقيع العصر حنجرة

مشبوبة وقدها من جمرك الواري

يرقى لك الشعر في أحلى وسامته

ليصبح الكون ترجيعا لقيثار

فأقبل الشعر يكسو كل رابية

وطاف من حوله شلال أنوار

ياحارس الشعر تستجلي غوامضه

وتنثر العطر في أحداق أزهار

جعلت للشعر أرواحا تظلله

كنسمة أورقت في جوف إعصار

وعشت للحب «نايا» أنت ملهمه

تشع من عزفه هالات أقمار

فأرعشت لهفة العشاق نشوته

تأويهة من مذاب الشوق والنار

يافارس الشعر إن الشعر في ظمأ

وليس يسقيه إلا كف بحار

قد غيبته الرزايا عن ملامحه

فصار يخلط ريحانا بصبار

ضاق «السنوسي» من تهشيم معزفه

فصاح في قومه ياوصمة العار

«من أين جئتم بهذا الطير ويحكم ؟

لا الريش ريشي ولا المنقار منقاري»

«إني أرى في جناحيه وسحنته

سمات «إليوت» لاسيماء بشار»

«إن كان لا بد من فن نجدده

فجددوا في مضامين وأفكار»

يا شاعرا قد سرت في الدهر ريشته

فليس يمحوه «ذكرا» بطش أدهار

يا جاعلا من بهي الشدو أفئدة

عشبية العمر من نور ونوار

يهتز عرش القوافي حين ترسلها

في مهجع الليل في وجدان سمار

فتمرح الأرض نشوى وهي مترعة

تصغي وتخشع حبا بعد إقفار

أواه من حزنك الوردي يغمرنا

ليبعث الشوق في عرجون أعمار

من «ثورة الشك» كم ناحت جوانحنا

وقاسمتك الهوى في ليل أسفار

«من أجل عينيك» والأرواح ساهدة

على صداها تغنى دوح أطيار

من وحي حرمانك الإلهام منسرب

كرفة الطل في مخضر أشجار

أومى لك الشعر فانسابت مواكبه

في كل معنى سخي الغيث مدرار

أطلقته من رغيد النفس بارقة

كزارع الضوء في أسداف أسحار

وأنت فينا عظيم الذكر سيرته

كدافق النهر في بيد وأمصار

ذكراك عز لبنت الضاد تجمعنا

في وحدة دون تفريق وأسوار

واليوم في الطائف المأنوس ملحمة

من القلائد صرح غير منهار

تعيد للشعر قنديلا وأزمنة

فأشمس الليل في حل وتسيار