بعد عقدين من الزمن مرا على صدور الجزء الأول «دراسات مقارنة بين الأدبين العربي والغربي» (عن الصلات العلمية والفكرية والأدبية بين اللغتين العربية والإنجليزية)، صدر الجزء الثاني، بعد جهد 5 سنوات، قضاها الدكتور عاصم حمدان، الذي يتسامى صاعدا في عالم الأدب والثقافة، بحسب وصف رئيس نادي المدينة المنورة الأدبي الدكتور عبدالله عسيلان، ناشر الكتاب، وهو يصدر الجزء الثاني بعنوان «الأدب العربي في مدونات المستعربين»، الكتاب الذي يقدم شخصية الباحث العلمي الرصين والعميق، طبقا لتوصيف الناقد حسين بافقيه عقب مراجعته الكتاب.

روح التسامح

إذا كان الكتاب الأول قد ضم بين دفتيه عددا من الدراسات والرؤى حول قضايا مختلفة في الأدب المقارن، تتصل بالصورة العربية في المخيلة الغربية، وتلقي شكسبير في الأدب العربي، وعلاقة الأدب العربي بالأدب الإنجليزي، فإن الكتاب الآخر، يضم عددا من المقالات والدراسات التي قدمها الدكتور عاصم، حيث يمعن في القسم الأول من الكتاب، نظره في جوانب معرفية وثقافية تتصل بالسياق العربي في بلاد الغرب، وتلقي الثقافة الإسلامية والعربية في جامعات ومدن بريطانيا، كما يتناول مسائل ذات علاقة بالسياق الثقافي للأدب المقارن، فيسائل مواقف الجاليات المسلمة في بريطانيا، ويناقش تلقي الأدب العربي في اللغات العالمية، وتأثير الأدب العربي في الأدب الإنجليزي، ويمر على أدبيات الاختلاف الفكري بين الشرق والغرب مشددا على أهمية الارتقاء بالآداب الإنسانية العالمية التي تنشر روح التسامح بين الشعوب والثقافات المختلفة.


دوافع المستعربين

يتناول الدكتور حمدان في القسم الثاني، اهتمام المستعربين بالأدب العربي، ودوافعهم خلف الاحتفاظ بنوادر المخطوطات الثمينة للأدب العربي بمفهومه الشامل، ونظرتهم نحو الأدب العربي والثقافة الإسلامية بشكل عام، وما قدموه من جهود خدمت التراث العربي الذي عكفوا على دراسته، ومن أهم ملامح هذا القسم، مناقشة حمدان رحلة كتاب (ألف ليلة وليلة) إلى الثقافة الغربية، وتأثير حكايات الكتاب في الأدبين الإنجليزي والفرنسي، كما عرج على نتاج الرحالة المستعربين ومشاهداتهم في مكة المكرمة والمدينة المنورة، فيما أصدروه من مذكرات وكتب يمكن تصنيفها تحت (أدب الرحلات). وفي فصل عن ترجمة الأدب العربي للإنجليزية، يستعرض حمدان عدة أسماء منها المستشرق آرثر جون آربري، الذي تخصص في الأدب الفارسي، وكان من أوائل المستشرقين الذين عنوا بترجمة نصوص من الأدب العربي الحديث إلى اللغة الإنجليزية، في كتابه «الشعر العربي الحديث»، الذي ضم مجموعة من الأشعار المؤلفة من الشعراء العرب في الفترة من 1920 وما بعدها، ويرى آربري في المقدمة، أن الاتجاهات الثقافية والأدبية والتيارات السياسية السائدة آنذاك تؤثر في إبداعات شعراء تلك الحقبة المهمة من تاريخ الأدب العربي.