ها أنا أمتطي سيارتي نحو مكان قيل لي إنه جميل، تخطيت خمس إشارات، أقف عند كل منها بمعدل مرتين.. حفظت وجوه الناس هنا، على يميني من يبدو أنه مجبر على الذهاب بزوجته إلى السوق، يهز أصبعه غاضبا بينما تبدو هي بحالة طاعة، على يساري رجل طاعن في السن يسدي لابنه المراهق المتململ كمية من النصائح والعظات كعادة الكبار، ابنه اللامبالي بدوره ينظر يمينا، وكأنه يكتشف شيئا ما.. خلفي من يطلق منبه سيارته، أنظر للمرآة، يؤشر بيده مرفقا معها - ربما - شيئا من الشتائم، لا أعلم، ما أعلمه أنه لا يبدو مرتاحا.. بالسيارة التي أمامي جمعٌ مبارك من الكائنات تقوم بالرقص على أغنية لا أستطيع تمييز كلماتها، لكنها كانت كفيلة بهز أجسادهم.. الأضواء المبعثرة بكل مكان.. الازدحام خانق، "من أطلق إشاعة أن الآخرين ذهبوا إلى دبي، لم يسافر أحد.. صدقني "أحدث نفسي بصوت مرتفع، أقوم تلقائيا بنقر زر تشغيل الراديو، تبدو المذيعة تمثل دور الضاحكة، قبل أن تقترب امرأة من سيارتي، ثم تغير مسارها، ولسان حالها يقول: "لا.. ليس هذا من قد يعطيني مالا، لأن سيارة رديئة كهذه لا يرجى من صاحبها ريال واحد، وبحسب تجاربي فإن وقوفي أمام نافذته المتسخة ما هو إلا مضيعة للوقت".. تخضّر الإشارة يعاود من خلفي شتمي من جديد، تبدأ السيارات بالتحرك، من بجانبي يحاول تجاوزي غصبا، يبدأ الطريق بالانحسار، إحدى شركاتنا تحاول إفساد الشارع وبالتالي إصلاح فضيلة الصبر فينا.." الرياض الأسمنتية تضخمت، بليلة واحدة لا تستطيع قضاء ربع مشوار، وهو المشوار المسؤول عن تعكير مزاجك حتى تنام، لا يوجد هنا ما يسمى متعة القيادة، بل متعة الوصول سالما" وقبل أن أكمل أغلقت كل الأمكنة هنا، ورجعت مفلسا إلا من التعب... لارتكب هذه الحلطمة كتابةً.