أولا: السعودية كدولة تشكل شبه قارة من حيث المساحة، وهي الثانية عربياً والثالثة من بين الدول الإسلامية من حيث كبر مساحتها، لكل منطقة ثقافة وفلكلور شعبي مختلف، بل يوجد في كل منطقة من تلك المناطق مدن تحتوي على عدة أشكال وأنواع مختلفة من العرضة والرقصات الشعبية تختلف اختلافا تاما فيما بينها في طريقة الأداء والألحان وأسلوب التطبيق، وعلى سبيل المثال لا الحصر في جنوب المملكة في مدينة نجران هناك عدة أنواع للرقص الشعبي منها الرزفة والزامل ولعبة الطبول، وفي جازان التي هي الجارة الأقرب لنجران بها ما يقارب 35 لوناً من فلكلور جازان، وفي عسير الخطوة والمدقال والمزيد مما غاب عن البال ذكره، وكل هذا في الجنوب فقط. فماذا عن الألوان الأخرى في بقية مناطق المملكة، حيث إن مثل هذا التعدد والتنوع في مجتمع واحد يعد تنوعا ثقافيا محمودا بدلاً من الثقافات الأُحادية التي تجعل المجتمع منغلقا على نفسه في عزلة ثقافية لا يقبل الآخر. قبل أيام شاهدتُ «فيديو» يعود تاريخه إلى عدة عقود لأحد أنواع العرضات الشعبية السعودية، وبحسب ما جاء في الفيديو، فالعرضة كانت لإحدى رقصات «قبيلة حرب»، فبقدرِ ما أعجبني الفيديو وطريقة أداء الرقصة وكأنها من تصميمات أشهر مصممي الرقص العالميين أمثال الفرنسي بنجامين ميليبيد، بقدر ما أن كل هذه الرقصات لها دلالات ومضامين، ولا ننسى أن أشهر العرضات السعودية هي العرضة النجدية التي حملت اسم العرضة السعودية؛ لأنها ارتبطت بفتوحات الملك عبدالعزيز وتوحيده للملكة، وبدأت كإحدى أهازيج الحروب ورقصات للفرح والانتصار.
على هذا التعدد والتنوع في العرضات والرقصات السعودية أعتقد أن الوضع في التعليم يحتاج للتوسع، بحيث يكون هناك تنسيق بين كل إدارات التعليم التابعة للوزارة مع وزارة الثقافة التي تختار أو تحدد لكل إدارة منطقة أو مدينة أنواع العرضة التي تعلمها لطلابها، ثم بعد ذلك يكون هناك حفل نشاط سنوي كبير تتبناه وزارة التعليم وترعاه الشركات التي سبق أن تعاقدت معها الوزارة عبر تنظيم مسابقات بين تلك الألوان الشعبية السعودية، وتستغل معها حماس الطلاب على أداء تلك الرقصات وتعلمها بالتعرف على أشكال وألوان ثقافة العرضة المختلفة في بلدهم، وتؤصل فيهم مبادئ وقيمة احترام الآخر، إضافة إلى أن في هذا تحقيق للأهداف المشتركة بين وزارتي الثقافة والتعليم واندماج فيما بينهما.