تسببت مشكلات سوق استقدام العمالة المنزلية الحالية وخاصة بعد إيقاف استقدام العمالة من إندونيسيا في رفع أجور العاملات المنزليات غير النظاميات في العاصمة المقدسة واللاتي وصلت رواتبهن إلى أكثر من 1500 شهريا، إضافة إلى مطالبتهن بإجازة أسبوعية وإيصالهن إلى أقاربهن الذين يؤونهن كل خميس والعودة لأخذهن عصر كل جمعة.

وأشار عدد من المواطنين وأصحاب مكاتب استقدام إلى أن أكثر من 30%من العاملات المنزليات اللاتي يستقدمن بشكل نظامي يهربن من العمل لدى كفلائهن في ظل وجود من يساعدهن على الهرب وتوفير السكن والعمل المناسب لهن، مؤكدين وجود سماسرة في أحياء الحفار والبيبان والخنساء يؤون العاملات المنزليات الهاربات ومساعدتهن في الحصول على العمل برواتب تزيد بنسبة 35%عن الرواتب التي يحصلن عليها من الكفلاء.

وأكد المواطن عبدالرحمن الديلمي، أن عددا من العاملات المنزليات اللاتي يستقدمن من إندونيسيا يهربن من الكفلاء لأن العاملة تأتي من بلادها ولديها إلمام كبير بالأنظمة المعمول بها في المملكة، فهي تهرب من الكفيل وتجد من يوفر لها المأوى والعمل.

وأوضح المواطن محمد اللقماني أن بالعاصمة المقدسة سماسرة يهربون العاملات المنزليات من الكفلاء ويساعدونهن في الحصول على العمل لدى بعض الأسر التي تضطر للاستعانة بالعاملات غير النظاميات في ظل تأخر قدوم عاملاتهن النظاميات.

وأفاد أن حي الحفاير هو الملجأ الأكبر للعاملات الهاربات، وأن السمسارة تحصل على 100 ريال عن كل عاملة منزلية توفرها للشخص، وهي تشترط أن يكون مع العاملة جوال في كل الأوقات حتى تتمكن من الاتصال بها لتنفيذ التعليمات.

وأشار المواطن عبدالعزيز تركستاني إلى أن 70% أو أكثر من العاملات المنزليات غير النظاميات هن من الهاربات من الكفلاء إما بسبب سوء المعاملة من بعض أفراد الأسرة، أو بحثا عن راتب أعلى ومميزات أخرى.

وقال إن العاملة وحتى لا تتعرض لغرامات من مكتب الاستقدام المصدر للعمالة في إندونيسيا لا تهرب من العمل لدى الكفيل السعودي إلا بعد انتهاء مدة التجربة البالغة ثلاثة أشهر وحصولها على الإقامة النظامية، لأن هروبها خلال فترة التجربة يلزم مكتب الاستقدام السعودي بتوفير عاملة بديلة، والمكتب السعودي سيلزم المكتب الإندونيسي بتوفير عاملة بديلة، وعندها سيرفع المكتب دعوى على العاملة ويطالبها بتعويضه عن المبالغ التي دفعها، ولذلك تتحايل العاملات على هذا الأمر بالهرب بعد انتهاء مدة التجربة.

وقال المواطن علي المطرفي إن 90%من العاملات الهاربات من إندونيسيا وهؤلاء الهاربات يجدن من يوفر لهن العمل برواتب تصل إلى 1300 ريال شهريا خلاف الإجازة الأسبوعية والمميزات الأخرى.

وأشارت المواطنة أم سامي إلى أنها عرفت من جارتها بوجود سمسارة من الجنسية الإندونيسية تساعد في توفير عاملات منزليات براتب 1300 ريال شهريا بشرط الإجازة الأسبوعية وتوفير غرفة خاصة لها.

وكشفت العاملة المنزلية أيكه محمد أنها هربت من العمل لدى كفيلها لأن الكفيل يحضر إلى المنزل في ساعات متأخرة من الليل ويوقظها من النوم لتجهز له الشيشة، إضافة إلى كثرة الأعمال المنزلية المناطة بها داخل المنزل، لأن ربة البيت لا تعمل شيئا، مشيرة إلى أنها هربت إلى إحدى قريباتها التي ساعدتها في الحصول على العمل.

وتؤكد العاملة المنزلية متيني أنها أمضت عاما كاملا لدى كفيلها حتى تعرفت على واحدة من بنات جلدتها تعمل لدى جار كفيلها، واتفقتا معا على الهرب لدى قريبة لهما في حي الحفاير تدعى أم أحمد، واتصلتا على جوالها فرحبت بهما ووعدت في مساعدتهن في الحصول على عمل، حيث وفت بوعدها مقابل الحصول على 100 ريال شهريا من الرواتب التي نحصل عليها و100 ريال من المواطن الراغب في الحصول على عاملة منزلية وما أكثرهم.

وأجرت"الوطن" اتصالا بالسمسارة التي أطلقت على نفسها اسم "حميدة" ولديها عدد من العاملات من بنات جلدتها الباحثات عن عمل ولكن بشروط، أولها إحضار العاملة عصر الخميس من كل أسبوع، وعدم سحب الجوال منها نهائيا، وعدم تكليفها بأي عمل بعد العاشرة ليلا، وعدم تكليفها بعمل الشيشة أو المعسل، مشيرة إلى أنها تحصل على عمولة قدرها 150 ريالا عن كل عاملة.

وقالت "حميدة" التي اشتهرت في أوساط الأسر بأم العاملات إن بعض الأسر السعودية لا تقدر العاملات المنزليات، وتسند كل أعباء المنزل من غسيل وتنظيف وإعداد الوجبات، والمدام "ربة البيت" إما مشغولة بالجوال أو مشاهدة التلفزيون أو ذاهبة للتسوق، إضافة إلى سوء المعاملة، ولذلك تضطر العاملات إلى الهرب من الكفلاء.

إلى ذلك، أكد الناطق الإعلامي بشرطة العاصمة المقدسة المقدم عبدالمحسن الميمان أن الشرطة تنفذ حملات تفتيشية على الأماكن التي تتستر على العاملات الهاربات من كفلائهن أو متخلفات العمرة، وقد قبض على أعداد منهن وسلمن لإدارة متابعة الوافدين لإكمال إجراءات إبعادهن عن البلاد.

وأشار إلى أن الوافدين الذين يتسترون على هؤلاء العاملات تطبق الأنظمة بحقهم، مهيبا بجميع الأسر السعودية عدم التعاون مع العاملات غير النظاميات والإبلاغ عنهن، وعن السماسرة لأن تمكينهن من العمل مخالفة للأنظمة والتعليمات.

من جانبه، أوضح عضو اللجنة الوطنية للاستقدام محسن العميري أن وجود سماسرة لتهريب العاملات المنزليات ومساعدتهن على العمل أدى إلى هروب أعداد من اللاتي استقدمن نظاميا في ظل وجود من يوفر لهن العمل برواتب أعلى من الرواتب التي يحصلن عليها من الكفلاء، لأن العاملة المنزلية النظامية تحصل على راتب شهري قدره 800 ريال من الكفيل، في حين أن غير النظامية تحصل على راتب شهري قدره 1200 ريال، إضافة إلى إجازة أسبوعية وجوال، وأن المجال مفتوح أمامها للبحث عن العمل لدى الأسرة التي تناسبها.