أحبابي.. انتبهوا ثم انتبهوا في تعاملكم مع والديكم، وراعوا شعورهم، وسنهم وكبريائهم، فمهما بلغت من العمر، وحصلت على أعلى الشهادات، وتحصلت على أعلى المراتب، وعلى الكثير من المال والجاه المنقطع النظير، فإنك تبقى في عيونهما صغيراً، وتحتاج منهما دائما المساعدة والخدمة والرأي السديد. هكذا هي نظرة الأبوين لأبنائهم مهما بلغوا من منازل الدنيا وكراسيها وخزائنها، فقد تكون في نظرهما المجرد أنك لست صغيراً في قدرك ومقدارك، ولكنك في نظرهما العاطفي صغيراً كونك ابنهم، ذلك الطفل الصغير الذي تربى وترعرع وكبر على أيديهما وأمامهما. وتستمر الحياة ويبقى للوالدين رأي آخر ونظرة ثاقبة في الحياة بعيدة المدى نحو أبنائهم بل وحتى أحفادهم، حيث يجب أن تحترم تلك النظرة؛ لأن الوالدين بخبرتهما في الحياة تعلما الكثير مما لم يعرفه الأبناء، وبالتالي فإنه يتوجب على الأبناء التوقير والمحاباة والإحسان والتبجيل لهما، مهما وصلا من الكبر أو المرض أو البعد، وعدم تجاهلهما أو استصغار آرائهما حتى إن كانت تخالف ما نراه ونؤمن به، حتى إن كان ذلك على الأقل لمجاراتهما فيما يقولان، وعدم معاندتهما أو إشعارهما بأنهما وصلا مرحلة لا تواكب العصر وحداثته، ومن ثم يكون إقناعهما بروية وأسلوب أمثل في طريقة تليق بهما، وأنهما صاحبا الرأي السديد والعقل الرشيد. وأنك ابنهم الذي يجب أن تسمع وتنفذ ما يقولانه. وتستمر الحياة ويبقى للوالد رأي آخر، فالوالد منذ النشأة الأولى يرى بقناعة مطلقة بأنه رجل البيت، وأن ما يراه ويطرحه هو الصواب الذي لا يحتمل الخطأ، وهذه النقطة يجهلها الكثير من الأبناء فتجدهم يعاندونهما ويخالفونهما، وبالتالي يفقدون رضاهما ويلحقهم غضب الله؛ لأن من غضب الله عليه فقد خسر وخاب، حيث إن الله قرن طاعته وعبادته بطاعة الوالدين والإحسان لهما (وبالوالدين إحسانًا).
ننصح أنفسنا وكل من نحب ومن يقرأ أن يبروا بوالديهم، وأن يتعاملوا معهم بإحسان يليق بهم، وأن يحترموا آراءهم حتى إن كانت تخالف آراء أبنائهم، فهذا من البر بهم.