أعلنت وزارة العدل المصرية اليوم (الخميس 2011-07-28)، بعد تردد طويل، أن محاكمة الرئيس المصري السابق حسني مبارك ستجرى في القاهرة وليس في شرم الشيخ حيث يقيم منذ إطاحته إثر انتفاضة شعبية في 11 فبراير الماضي.

وستكون محاكمة مبارك تاريخية فهو أول رئيس دولة عربي يسقطه شعبه وتتم محاكمته في بلده بعد أن وجهت إليه رسميا اتهامات بقتل المتظاهرين وبالفساد المالي.

وقتل أكثر من 800 شخص معظمهم من الشباب أثناء "ثورة 25 يناير" كما أصيب ما يزيد على 6 آلاف آخرين.

وأعلن مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم محمد منيع أنه "تقرر بصورة نهائية" أن تجري محاكمة مبارك في القاهرة في 3 أغسطس.

ونقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية عن منيع أنه تقرر بصورة نهائية أن تجري محاكمة الرئيس السابق حسني مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال الهارب حسين سالم، وكذلك محاكمة حبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار معاونية ومساعديه في الهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة بأرض المعارض بمدينة نصر بالقاهرة".

وسبق أن شهدت أرض المعارض بالقاهرة عدة محاكمات سياسية هامة من بينها قضية تنظيم الجهاد الذي تبنى اغتيال الرئيس المصري السابق أنور السادات عام 1981 وقضية ثورة مصر التي كان متهما فيها خصوصا خالد عبد الناصر نجل الرئيس المصري الأسبق جمال عبد الناصر بقيادة تنظيم غير مشروع نفذ اغتيالات لمسؤولين إسرائيليين في مصر في نهاية ثمانينات القرن الماضي وقضية اغتيال رئيس مجلس الشعب السابق رفعت المحجوب عام 1990 على يد مسلحين من تنظيم الجماعة الإسلامية.

وقال طارق الزمر، الذي كان من المتهمين الرئيسيين في قضية اغتيال السادات، لوكالة فرانس برس "آمل أن أحضر المحاكمة لأرى مبارك في نفس القفص الذي حوكمت فيه من عدة عقود" مشيرا إلى أنه أمضى السنوات الـ30 لحكم مبارك في السجن ولم يفرج عنه إلا بعد تنحية الرئيس السابق.

وأكد مساعد وزير العدل لشؤون المحاكم انه "يجري حاليا اتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإجراء تلك المحاكمة حيث يتم إعداد المقاعد المثبتة داخل القاعة المخصصة لجلوس المحامين والجمهور ذوي الشأن وهيئة الدفاع عن المتهمين وكذلك إعداد قفص الاتهام الذي يضم المتهمين في القضية وعددهم 11 متهما، إلى جانب تخصيص مكان للصحفيين ومراسلي الصحف ووكالات الأنباء المصرية والعربية والأجنبية".

وأوضح أنه "سيتم السماح بدخول كاميرا تلفزيونية واحدة خاصة بالتلفزيون المصري فقط، بحيث تقوم القنوات الفضائية الأخرى بنقل وقائع المحاكمة عنه".

وقال إنه "سيتم وضع بوابات الكترونية على مداخل وأبواب المبنى، إلى جانب وضع خطة أمنية محكمة وغير مسبوقة بمشاركة بين القوات المسلحة ووزارة الداخلية لتأمين المناطق المجاورة والمحيطة بالمبنى".

وأكد وزير الصحة عمرو حلمي للصحفيين الخميس أن مبارك "بصحة جيدة ويمكن نقله من مستشفى شرم الشيخ إلى القاهرة لمحاكمته".

وقد ثارت تساؤلات كثيرة في مصر حول ما إذا كان مبارك سينقل بالفعل من مستشفى شرم الشيخ، حيث يقيم منذ أن بدأ التحقيق معه في أبريل الماضي، إلى المحكمة ليجلس في قفص الاتهام مثله مثل المتهمين الآخرين.

ويعزز هذه التساؤلات المعلومات المتضاربة التي تتسرب عن صحته والتي تقول تارة إن حالته مستقرة وتارة أخرى إنه يعاني من اكتئاب ووهن.

وهذا الأسبوع صرح الأطباء بمستشفى شرم الشيخ أن مبارك ممتنع عن الطعام وأن حالته الصحية واهنة ويعاني من اكتئاب شديد وفقدان للشهية.

وصرح محامي الرئيس السابق، فريد الديب في يونيو بان موكله يعاني من سرطان في المعدة، وقال في يوليو انه في "غيبوبة تامة"، إلا أن المستشفى ووزارة الصحة نفيا هذه المعلومات.

ويعد نقل مبارك، المحبوس احتياطيا، إلى القاهرة وإيداعه سجن مزرعة طرة على غرار نجليه علاء وجمال ورموز نظامه الآخرين أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين وأسر "شهداء الثورة" وسببا رئيسيا للانتقادات التي وجهتها الحركات الشبابية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الممسك بزمام السلطة من سقوط مبارك.

وقال طارق الخولي، أحد قادة حركة 6 أبريل الشبابية المشاركة في الاعتصام المستمر في ميدان التحرير بقلب القاهرة منذ الثامن من يوليو الجاري، إن إجراء المحاكمة في القاهرة "خطوة جيدة وهي نتيجة الضغط الشعبي وسنواصل الضغط للتأكد من تنفيذ هذه الخطوة".

وقال وزير السياحة المصري منير فخري عبد النور لوكالة فرانس برس إنه "طلب منذ 3 أيام أن تتم محاكمة مبارك في القاهرة وليس في شرم الشيخ حتى لا تتأثر السياحة في هذه المدينة".

وأكد أن المحاكمة والتظاهرات التي سترافقها بالتأكيد من شأنها "أن تثير القلق في هذا المنتجع السياحي الصغير".