يعد التشريع من أهم الآليات التي تضع أهداف التنمية في المسار الصحيح، فمن خلال دورة الضمانات التي يعطيها لإطلاق عمليات اقتصادية في بيئة آمنة بين أطراف المعادلة الاقتصادية سواء أكان للدولة أو المستثمر أو المصنع أو للمنتج والمستهلك، وهو كفالة للحقوق والالتزامات المترتبة على تلك العمليات. حيث أدرك المجتمع الدولي تلك الأهمية بشكل كبير، فخلال الدورة السبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 سبتمبر 2019 تمت المصادقة على أهداف التنمية المستدامة لعام 2030 التي تتضمن سبعة عشر هدفا، لتحقيق مائة وتسعا وستين، تتعلق معظمها بكفالة جملة من الحقوق في مقدمتها الحقوق الاقتصادية التي تتعلق بمكافحة الفقر والبطالة، وأخرى بيئية تتعلق بالمناخ والتصحر والحريات وحقوق الإنسان وعدم التمييز، وغيرها والتي ترتبط بشكل أو بآخر بقدرة التشريعات الوطنية على مواءمة البيئة التشريعية، لتحقيق تلك الأهداف، وبناء أرضية تعتمد على مبادئ العدل والمساواة والشفافية، كنبراس لتحقيق أهداف التنمية المستدامة التي صادقت عليها الدول.

ويلعب التشريع في مملكة البحرين دورا مهما في تحقيق أهداف التنمية المستدامة، ويعتبر ركيزة أساسية في التطور والنمو الاقتصادي والاجتماعي، بما في ذلك التشريعات المتعلقة بالمجال الاقتصادي والتجاري والاستثمار، والتي تلعب دوراً حيوياً في تعزيز تنافسية اقتصاد مملكة البحرين وتقوية مكانتها وحضورها إقليمياً ودولياً وزيادة حيوية البيئة الاستثمارية.

شهد التشريع في البحرين تطوراً ملحوظاً لمواكبة التطورات الاقتصادية والاجتماعية على المستوى الدولي، حيث عملت الجهات المختصة على إصدار العديد من التشريعات الجديدة، وعملت على تعديل بعض التشريعات القائمة من أجل تقوية الاقتصاد البحريني، وتطوير قدرته على توفير بنية استثمارية مستدامة لدعمه، ولمواكبة مختلف المستجدات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


التشريعات الجديدة بالبحرين تهدف إلى تعزيز قدرات الدولة التنافسية عالمياً، وفقاً لسياسة تشريعية ممنهجة ورؤية واضحة تتمحور حول تهيئة بيئة منسجمة، لتحقيق أهداف التنمية المتوازنة والمستدامة.

ومن أهم التشريعات التي أوجدتها البحرين لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، وتعزيز ثقة المستثمرين، وجعل البحرين قبلتهم المفضلة لممارسة أنشطتهم الاقتصادية، الأسس والمبادئ التي وردت في الدستور المعدل سنة 2002، والقوانين التي أصدرها جلالة الملك، وأيده بما يتفق والسياسة التشريعية الجديدة والتطورات العالمية، التي تفرض ضرورة وضع تشريعات تتلاءم مع المحيط الإقليمي والدولي، ومنها التشريع الذي أكد على المساواة بين المواطنين وتكافؤ الفرص.

إن ما يميز التشريعات والقوانين في البحرين أنها مدروسة، وجرى التشاور بخصوصها مع مختلف الجهات المعنية، وساعد ذلك في تبادل وجهات النظر، والخروج بمجموعة من الآراء المتفق عليها بشأن هذه التشريعات باعتبارها المحرك الأساسي في تحقيق التنمية المستدامة، كما تمتاز هذه التشريعات بأنها تنسجم مع البيئة المحلية والمحيط العالمي، الشيء الذي أصبحت معه البحرين مركزاً هاماً لجذب الاستثمار وتحقيق التنمية المستدامة.

عملت التشريعات والقوانين في البحرين على مكافحة وتجسيد الأهداف التنموية المختلفة ومواجهة التغيرات المناخية، وبناء مؤسسات قوية تعمل بشفافية في إدارة أموال الدولة والشأن العام لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. ورغم هذا التطور الكبير في البنية التشريعية فإن هناك العديد من القوانين التي لا زالت قيد الدراسة بما يتناسب والتغيرات التي يشهدها الوضع الاقتصادي، وتعزز المكانة التي توليها البحرين للتشريع كمحور أساسي في التنمية المستدامة.

ورغم التطورات أيضاً التي شهدتها البيئة التشريعية العربية من أجل خلق بيئة قانونية تكفل ضمانة الحقوق والالتزامات، فإن التشريعات العربية لا زالت تحتاج إلى المزيد من الجهد الفقهي والقانوني في هذا الصدد، ولا بد من تطوير هذه التشريعات من خلال:

العمل على تهيئة بيئة تشريعية ملائمة ومستقرة تهدف إلى تدعيم جهود الحكومات العربية في تحقيق تنمية متوازنة ومستدامة.

سن تشريعات تتوافق مع أهداف التنمية المستدامة التي أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2030.

تعديل النصوص التشريعية القائمة التي لا تتلاءم مع أهداف تحقيق التنمية المستدامة المبرمجة من طرف الجمعية العامة للأمم المتحدة، حتى يستطيع التشريع مواكبة العملية التنموية والتطور الاقتصادي والاجتماعي. والعمل على توحيد وانسجام التشريعات ذات الصلة في تحقيق التنمية المستدامة.