بدأ صاحبنا يتلذذ بالهدوء النفسي الذي وصل به، أن أخرج من بين أغراضه ورقة وأخذ من بقايا حطب ناره فحمة صغيرة، وبدأ يرسم ما يجول في مخيلته التي بدأت تخلو من الهدير، ليستل بعد الورقة أوراقا كثرا، ليفرغ عليها ذلك المحتوى الأدبي من فن الرواية والقصة والمقال والشعر أحيانا.
وبعد أن أحس أن الكرة الأرضية تخلو من بني البشر، قاطعه صوت يمشي من أعلى الجبل، فعاد لفتحة كوخه ليراقب من بالخارج، فإذا به يرى ثعالب الغابة تلاعب صغارها أعلى تلك القمة، ويبرز قفزاتها ضوء القمر من خلفها، ليبتسم ابتسامة المنتصر في نجاح عزلته، التي لم يستطع أحد تكدير صفوها.
باستثناء ذلك الرجل الذي سحب جذع تلك الشجرة التي تغطي فتحة الكوخ، ودخل عليه مكان خلوته عنوة، وهو يقول (تصدق عرفت اني باحصلك هنا يالنفسية، والشباب كلمتهم وجايين في الطريق نتعشى سوا). بالتأكيد إن ذلك الرجل الذي سطا عليه ليس بطرزان الغابة، بل أحد أصحابه الذين لا إحساس لديهم بأن بني آدم كتلة من المشاعر. نوع من الأصحاب الذين يعتقدون أنك إن بدأت ترسم فهذا دليل على إصابتك بمرض نفسي علاجه (2 نفر حاشي). أما لو وجدك مستلقيا على ظهرك تراقب النجوم، فهذا يعني أن عزلتك هذه تبرهن عوارض مرض نفسي آخر علاجه، (جلب شباب الديوانية، ليلعبوا بلوت وبوبجي وقفز مظلي من حولك).
نظرة للسماء: أجهزتنا المحمولة بين فترة وأخرى تقوم أوتوماتيكيا بـ(مسح الذاكرة العشوائية)، لتعود للعمل بجودتها المعتادة، وقد يكون كذلك بعض البشر.