أسئلة كثيرة تتردد في الشارع المصري عن مصير ثورة 25 يناير، وتفرض هذه الأسئلة نفسها بقوة في ظل حالة الغموض التي تحيط بالموقف من كافة الأصعدة، ومما زاد الأمر تعقيداً وقوع احتكاكات بين الجيش وبعض المتظاهرين، إضافة إلى تبادل الاتهامات بين المجلس العسكري وقوى ثورية فاعلة مثل حركة 6 أبريل التي كانت قد اتهمت المجلس العسكري بالتباطؤ في محاكمات رموز النظام السابق والسعي للاستئثار بالسلطة، ورد المجلس باتهام الحركة بمحاولة إحداث وقيعة بينه وبين الشعب وبث الفتنة، مما دفع المراقبين للتحذير من أن النزاع بين الجيش والثوار قد يؤدي بالبلاد إلى كارثة حقيقية.
عامل الوقت
يبدي الكاتب الصحفي فهمي هويدي عدم رضاه عن التباطؤ الذي يلازم خطوات التغيير، ويقول: "مرت على الثورة بضعة أشهر ولم نر أي تغير حقيقي على أوضاع الفقراء أو تحسن الوضع الاقتصادي، وكأن الثورة هدفها إزالة مبارك فقط، المؤسف أن غالبية القوى السياسية من أحزاب وائتلافات موجودة فقط على شاشات التلفزيون ولا وجود لها في الشارع وسط الناس".
ويهوِّن هويدي من القلق الذي يشعر به البعض من صعود الإخوان المسلمين والسلفيين، ويقول: "ليس منطقياً أن يؤثر فصيل على شعب بأكمله، ومن ينادون بتأجيل الانتخابات لا يدركون أن الوقت ليس في صالح الثورة، فالتأجيل يؤدي إلى قوة هذه الفصائل".
استغلال الظرف
من جانبه يؤكد الخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية الدكتور عماد جاد وجود حالة من القلق على مستقبل مصر السياسي في الفترة القادمة، مشيراً إلى أن عناصر النظام السابق ما زالت موجودة على الساحة السياسية وتمارس دورها المضاد للثورة المصرية، ويقول: "الثورة أقوى من الجميع وما أعاقها عن تحقيق أهدافها هو رغبة البعض في تحويلها إلى حركة تغيير وجوه بحيث تكتفي بما تحقق من تغيير الشخصيات الحاكمة دون تحقيق باقي أهداف الثورة المصرية".
واتهم جاد الإخوان المسلمين بمحاولة استغلال الوضع الحالي، وقال: "الإخوان ضربوا الثورة المصرية وأصبحوا يبحثون عن مكاسبهم الخاصة".
مبادئ ثورية
بدوره يشير الكاتب والباحث السياسي الدكتور عمار علي حسن إلى الحاجة لوضع مبادئ أولية تقوم على أساس طرح مبادرة الثورة أولاً، ويقول: "الوضع الحالي قد يتيح فرصة لبقايا النظام البائد لتستجمع قواها وتسعى إلى إرباك خطى الثورة أو تقليص فرصها في النجاح الكامل بحيث تتحول في نهاية المطاف إلى مجرد إصلاحات سياسية محدودة، لذلك لا بد للقوى السياسية والاجتماعية المصرية أن تجري حواراً بناءً حول شكل ومحتوى الدستور ومعايير اختيار الجمعية التأسيسية التي ستضعه، والمواد الرئيسة التي لا يمكن تجاوزها بأي حال من الأحوال".
عشوائية وفوضى
ويرى أستاذ التخطيط الاستراتيجــي بمعهـــد كامبريدج الدكتور حسام الشاذلي أن الثورة المصرية حققت جزءاً كبيراً من أهدافها، ومنها إسقاط رموز النظام السابق وتقديمهم للمحاكمات، وإن كان التغيير الديموقراطي لم يحدث بعد، وقال: "هناك عشوائية تحكم تطورات الأوضاع في مصر، وهي عشوائية قد تقود البلاد إلى حالة من الفوضى يمكن أن تأخذها إلى المجهول خاصة أن هناك عدداً كبيراً من رجال الأعمال الذين حققوا مكاسب هائلة في ظل تفشي الفساد في ظل النظام السابق، أما الخطر الثاني الذي يهدد الثورة المصرية فهو عدم وضع آليات محددة تحجم تدخل رؤوس الأموال في تشكيل المستقبل السياسي لمصر".
تجاوز الخلافات
وفي ذات السياق يشير رئيس حزب الوسط أبو العلا ماضي إلى ضرورة تجاوز الخلافات السياسية وتجاوز الجدل حول أولوية الدستور أم الانتخابات أولاً، وطرح حل توافقي يتمثل في تأجيل الانتخابات لمدة شهر أو اثنين حتى تستطيع الكيانات السياسية الناشئة الاستعداد، والاتفاق على مبادئ يتضمنها الدستور ويلتزم بها القائمون على وضعه".
تماسك المجتمع
ويذهب أستاذ علم الاجتماع بجامعة قناة السويس الدكتور عبد المعبود محمد إلى أن طبيعة المجتمع المصري تميل إلى التماسك، كما أنه قادر على امتصاص كافة التغيرات التي تحاول التصدي لإرادته إذا ما أراد التغيير، وما يحدث الآن من انفلات سواء على الصعيد الأمني أو على صعيد المطالب الفئوية هو أمر طبيعي تعيشه المجتمعات في المرحلة الثورية، وبمجرد التوصل إلى صيغة مؤسسية سواء فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية أو البرلمانية أو وضع الدستور، ستنتهي حالة الانفلات وتستعيد البلاد استقرارها بما يضمن تماسك المجتمع.