يُتبادر للذهن عندما يقرأ العنوان، أن الحديث سيكون عن إحدى علامات الترقيم التي تستخدم للفصل بين الجمل القصيرة للدلالة على استمرار الكلام بعدها، وآلية كتابتها، مباشرة بعد الكلمة التي تسبقها، وتفصلها مسافة عن الكلمة التي تليها. كم فاصلة في حياتك؟ وهل أنت فاصلة؟

هنا قد تسرقك الأفكار، وتُبحر بك الأخيلة إلى عمق بحارها، وتباغتك الأسئلة بين الفينة والأخرى لتحدد فواصل حياتك، عندما تنفست عمق الصيحة الأولى بين أيدي الأطباء، وارتسمت تباشير الفرح على وجه والدتك رغم وهنها هل كنت فاصلة؟ وعندما سارت أقدامك والتقيت معلمك في المرحلة الدراسية الأولى! هل مثلتَ فاصلة؟ حين هتفت الناس من حولك بالتهاني والتبريكات لتخرجك وانضممت إلى صفوف الخادمين لدينك، ووطنك هل كنت فاصلة؟.

الفاصلة التي نختزلها في علامات الترقيم قد تعني لك كثيرا دون وعي، الفاصلة هي أنتَ إن شئت ذلك وسماحك لنفسك للاستفادة من هذه الحياة بالعطاء، أو بالأخذ وأن تخدم وتُخدم، فأنت فاصلة عُظمى لهذا الوجود، فقد رسمت هدفا ووضعت خطة ثم تعالت بك أمواج الحياة فلم تستسلم لأنك فاصلة.


فغالبا ما تُبنى الأشياء في عالمنا الموضوعي «الطبيعة» على النتاج الجدلي الذي جاء من التفاعل العقلي مع الموجودات، فمهما كان التفسير العلمي للشيء نجد أشياء تجيب عن تساؤلاتنا التفسيرية، ولن تُشبع ذلك الفضول لتتفتح الآفاق وتتخاطب وجهات النظر، فلا يمكننا الفصل الإبستمولوجي بين العلم والفلسفة لأنها نشأت بعد محاولات عتيدة مارسها الإنسان للوصول إلى المعرفة الصحيحة.

فلا تبحث عن المدينة الفاضلة وأنت أيها الإنسان من أسس بنيانها، وذلك لأنك فاصلة بحياتك وحياة الآخرين والعالم أجمع، ولم تكتفِ بما أنت عليه.

أنتَِ فاصلة متى ما شئت ذلك فلا تستسلم.