ولعلَّ من قرأ الأطروحات العلمية لعرَّاب الفكر الاقتصادي التقليدي، آدم سميث، أو فكر المجدِّد الاقتصادي، چون ماينارد كينز، يمكنه أن يستشف إبداع الفكر الإنساني في تأطير الواقع وتسخيره في منهج علمي لقراءة وتحليل الواقع والوصول إلى الحل الأمثل الذي يكفل أن يحقق أهداف الاقتصاد، كعلم يبحث في إدارة موارد الاقتصاد المتاحة وتوجيهها نحو مجالات الاستثمار المثلى التي تحقق في نهاية الأمر رفاه الفرد والمجتمع، وخلق تنمية مستدامة.
هذا النهج في علم الاقتصاد يأتي في شكل نظريات علمية تعتمد على الترتيب التراكمي للتفكير، إذ تُبنى النظريات الاقتصادية على أساس ترابطها للوصول إلى ما يعتبر محورا مركزيا في الفكر الاقتصادي، وهو حالة التوازن. والتوازن حالة يصل إليها الاقتصاد، بمفهوميه الجزئي والكلي، بعد أن يتجاوز مراحل التقلبات المرحلية التي تفضي في النهاية إلى التوازن، إن اعتمد الاقتصاد على آلية السوق، التي تُعدُّ أساس الفكر الاقتصادي الرأسمالي، وهو الذي يسود الساحة الاقتصادية في العالم حاليا، وإن تباينت مستويات الالتزام بمبادئه الأساسية، بعد انحسار الفكر الاشتراكي، الذي يرى أصحاب الفكر الاقتصادي الرأسمالي أنه كان يحمل معول هدمه منذ أن أصبح ممارسة سياسية أرغمت بعض الشعوب على السير في مسار يتناقض مع الطبيعة البشرية، بشكل أساسي، في حق الملكية الشخصية، التي تعد حقا أصيلا ومحفزا طبيعيا للعمل والإنتاج بعيداً عن تسلط الحكومة المركزية في امتلاك الموارد وتوزيعها واتخاذ القرار.
واللافت في الفكر الاقتصادي، قديما وحديثا، اعتماده على أن مصلحة الفرد إن تحققت دون الإضرار بمصالح الآخرين في مجتمعه، فإنها تؤدي، بالضرورة، إلى مصلحة المجتمع برمته، وهو ما أكده الاقتصادي الإيطالي باريتو في نظريته عن المثالية الاقتصادية.
وهذا يفسر، بالضرورة أيضا، الطريقة التي يفكر بها الاقتصادي عموما، وهي، إن نظرنا إليها بموضوعية كفيلة بأن تسهم في تجاوز تحديات الحاضر وتهيئة المجتمع إلى مستقبل أفضل.
اللافت في الفكر الاقتصادي، قديما وحديثا، اعتماده على أن مصلحة الفرد إن تحققت دون الإضرار بمصالح الآخرين في مجتمعه، فإنها تؤدي، بالضرورة، إلى مصلحة المجتمع برمته