يتأكد الشعور بالقلق على الهوية مع تغول العولمة وازدياد آلياتها شراسة، مما يدفع عديد المجتمعات إلى أن تلوذ بتراثها للاطمئنان على هويتها.

من هذه الرؤية أطلقت شابة سعودية في مدينة جدة فعالية تستمر على مدى شهر كامل تحمل مسمى مهرجان "جدة زمان".

يقدم المهرجان الذي أطلقته دعاء ثابت أول من أمس مناشط فنية وثقافية تعبر عن روح المكان، ففي كل يوم زفة تقليدية مستوحاة من التقاليد الحجازية في الأعراس، ثم يحضر الحكواتي راوياً قصصاً وأحاديث عن أفراح أيام زمان، سارداً كيف كانت تتم الزيجات والأفراح، مستعيناً بحكايات قديمة من التراث الحجازي.

بينما على ضفاف الليل تنهض الموسيقى زاهية وهي تستعيد تراث الغناء، بدءاً بـ (مجس) يناغي الحضور ويشيد بدورهم، و قبل منتصف الليل، يشارك الكبار والصغار من الجنسين معاً في مسابقة فنية وثقافية ثم توزع جوائز عينية على الفائزين.

منظمة الفعاليات دعاء ثابت بررت لـ "الوطن" فكرة المهرجان مرجعة إياها إلى قلق ينتاب المهتمين بالتراث من اندثاره بفعل الغزو المدني والحضاري، طبقاً لتعبيرها.

وترى ثابت أن جدة التاريخية فقدت بعض أبنيتها المهمة بفعل التآكل والإهمال حيث لم تجد عناية كافية. وتضيف: هذا دفعني إلى التفكير بتوثيق تراث جدة التاريخية في هذا المهرجان، حيث صورنا أهم معالم المدينة القديمة، وجلبنا الكثير من الأدوات التي استخدمها الأجداد، والأزياء النسائية والرجالية، إلى جانب الرقصات الفلكلورية وفي مقدمتها اللعبة الشهيرة المزمار وتقاليد الصيد.

وأهم ما في الحدث - بحسب ثابت - هو عمل 100 فنان على توثيق التراث بريشتهم، متمنية أن يقف شاب بعد 100 عام أمام إحدى هذه اللوحات ويقول هكذا كانت جدة أو هكذا كانوا يلبسون، إنها باختصار محاولة للانتصار على الزمن والاحتيال عليه بواسطة الفن.

بدورها قالت الفنانة فاطمة باعظيم المشاركة في تنظيم المهرجان: إن كل فنان مشارك يجسد حنينه إلى ماضيه ويسجل اللحظة التاريخية لتصل إلى الأجيال القادمة، وهذه خطوة أولية لنشر الثقافة البصرية واستحضار الماضي وتقديره.

وشكرت المنظمتان الجهات التي دعمت الحدث واعتبرتا أن هناك وعياً عند العديد من رجال الأعمال والشركات بأهمية الحفاظ على التراث وتعزيز الاهتمام به.