هناك طاقات إنتاجية فنية في العالم العربي، لكنها جميعاً تتجهز لموسم واحد فقط، وهو موسم شهر رمضان المبارك. كل شركة إنتاج أو مؤسسة إعلامية تنتج أجود ما لديها لأجل شهر واحد، حين ترتفع الإعلانات بشكل مضاعف، وتتسابق المؤسسات على اقتسام الكعكة الإعلانية، ويكون المشاهد هو ضحية هذا الصراع حيث يتعرض إلى تدفق معلوماتي وترفيهي محصور في فترة معينة من الصباح وحتى الصباح.
نجوم اليوتيوب ومهما كانت أخطاؤهم قدموا درساً لمن يجعلون الجمهور ينتظرون حتى يضحكوهم ويضحكوا عليهم في شهر واحد فقط، وبعده يعاودون النوم حتى عام آخر.
نجوم اليوتيوب أصبحوا ينتجون مسلسلات كوميدية على مدى العام، حاصلة على نسبة مشاهدة عالية جداً، وملايين المشاهدين للمقاطع التي يتم إنتاجها عن طريق "الهواة" الذين دخلوا عالم الاحتراف برغبة وتصويت ورعاية الجمهور.
استنزاف طاقات الكتاب والممثلين والمخرجين في فترة واحدة فقط، يعني أن الفن لم يعد رسالة لدى البعض، بل هو حصد للمال والبحث عن "أسرق" الطرق لدر الملايين من شركات الإعلان، حتى على حساب تشتيت المشاهد.
يُظهِر الفنان أفضل ما لديه في شهر واحد، وبعدها ينشغل عاماً كاملاً باللقاءات الصحفية والتلفزيونية، وبعد أشهر ينتظر موسماً جديداً يحصد فيه ملايين الريالات، ويعود منتظراً عاماً آخر ضارباً برسالة الفن عرض الحائط.
لا أريد أن أكون مثالياً، لكن هذه الحقيقة.
المال هو الذي أفقد الفن قيمته. لم يعد الفنان يؤمن برسالة، بل بترديد عبارة هي "كم تدفع" أو "من يدفع أكثر؟". والسلام.