وفي هذا الوقت الدقيق من مراحل تنفيذ خطة الدولة (2030) نحتاج لوحدة القرار في اعتماد البرامج والمشاريع، بمنطلقات الرؤية ذاتها، ومصدر فلسفتها، دون اجتهاد يفضي إلى نتائج غير دقيقة، ويصرف الجهود في غير مسارها الصحيح، لذا من المهم إيجاد جهةٍ توكل إليها مهام توحيد الجهود، والاضطلاع بدور الاعتماد لجميع الخطط التي تعدها الوزارات والجهات، وتتولى تصميم النماذج اللازمة لبناء الخطط، مضمنة الأطر العامة، والمنطلقات الرئيسة لكل جهة، ومراحل التنفيذ، وحوكمة الأداء، وفق منهج الخطة، ودفع كل القطاعات نحو العمل المنظم، وتحقيق المراد منها وفق وثيقة الرؤية، ومن الأولى أن تكون تلك الجهة ذات قرار سيادي يرتبط بصانع رؤية المملكة - سمو ولي العهد- تحت مسمى «مركز الأمير محمد بن سلمان للتخطيط الإستراتيجي»، ويرتبط هيكله التنظيمي برئاسة مجلس الوزراء، ويسند إليه مهام التخطيط الإستراتيجي، والاعتماد، وتقويم الأداء، ويمكن أن يحل بديلا لوزارة التخطيط – ليس انتقاصا لدورها المهم – لكننا بحاجة إلى تطوير أدائنا الحكومي، وفق نظرة إستراتيجية ذات مرجعية موحدة تمتلك القرار، تسير بالجميع نحو الهدف المنشود، وتراجع كافة الخطوات المتعثرة، وتبحث الأسباب، وطرق المعالجة، وتعزز النجاحات، وتدفعها إلى المزيد.
إن من شأن الدول المتقدمة حضاريا الاهتمام بجانب التخطيط، وبناء منهج متطور، تعلو فيه ثقافة التخطيط المنظم، المرتبط بتشخيص واقع التنمية، واحتياجات الحاضر، وخطوات المستقبل، دون تهويل أو تهوين، ووضع كافة حزم التخطيط في قالب واحد، ومراجعة أداء الأجهزة بناء على منجزاتها، وقدرتها على تحقيق أهدافها.
ويعوّل على المركز بناء منظومة مميزة، تتسم بالدقة والشفافية، واستقطاب القدرات البشرية ذات المهنية العالية في مجال التخطيط والتحكيم والتقويم، وتقديم الدعم اللازم، والتدريب الكافي للكوادر البشرية التي تتولى إدارات التخطيط في كافة القطاعات، كما يؤمل أن تبنى رؤيته على المرونة فيما يتعلق بالاشتراطات وأساليب التنفيذ، بناء على اختلاف المعوقات، وتنوع الجغرافيا، بما يتناسب مع جهات التنفيذ، ليبقى تحقيق الهدف هو المطلب الرئيس، ومحك جودة الأداء.
إن كل المبذول من جهد خلال المرحلة الماضية لهو محل الإعجاب في المجمل العام، ولتعزيز إيجابية التفاعل البناء مع منطلقاتنا الوطنية النابعة من رؤيتنا الحديثة، يكون وجود مثل هذا المرفق دعما لمسيرتنا التنموية، وضمانا لتحقيق الإنجازات الحقيقية، وردما لفجوة الأداء المتعثر، وإيقافاً لمسلسل الأرقام الفلكية التي تنزلق إليها بعض الخطط التي لا تبنى على الواقع، ولا تنطلق من الإمكانات، وقد يكون فيها هدرٌ ناتج عن تهور غير محسوب، لأجل بناء مؤشر عال للأداء، وعلى كل الأحوال فقد تحقق بتوفيق الله ثم بإرادة القيادة الرشيدة كثير في وقت وجيز، وما سيتحقق – بإذن الله – في المستقبل أكثر.