قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي عددا أكبر من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة في عام 2011 مما فعلت في عام 2010. بحسب منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية (بيت سليم)، قتل 116 فلسطينيا في هجمات إسرائيلية في عام 2011: 105 في قطاع غزة و 11 في الضفة الغربية والقدس الشرقية. في عام 2010، قتلت القوات الإسرائيلية 68 فلسطينيا. كلا التقديرين يعدان منخفضين بحسب مراقبي حقوق الإنسان الفلسطينيين. مهما كان الرقم، فإن هناك دماء على أيادي إسرائيل، وجميع اجتماعات البيت الأبيض، وجميع مؤتمرات منظمة (إيباك)، وكل الحملات الإعلامية المؤيدة لإسرائيل، لن تستطيع أن تغسل ذلك الدم.

الدورة 19 للجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي انعقدت في جنيف درست قضية حقوق الإنسان الفلسطينية برغم المحاولات المكثفة لإسرائيل، مدعومة من أميركا، لمنع أي شهادة حول سجلات المحتلين الإسرائيليين خلال السنة الماضية المليئة بالاغتيالات والاعتقالات العشوائية والانتهاكات بحق الفلسطينيين، والسماح للمستوطنين الإسرائيليين بضرب الفلسطينيين ومصادرة وتدمير ممتلكاتهم. السجلات التي تحتفظ بها منظمات حقوق الإنسان ومكافحة التمييز العنصري موجودة، وفي الدورة 20 القادمة للجنة الدولية لحقوق الإنسان سيسلم المقرر الخاص حول وضع حقوق الإنسان في المناطق الفلسطينية المحتلة منذ 1967 تقريره التالي إلى المجلس.

رغم تأجيل التقرير إلى الدورة القادمة، كانت جنيف هذا الأسبوع، خاصة في 19 مارس، زاخرة بالنقاشات حول الجرائم الإسرائيلية للاحتلال وانتهاكات حقوق الإنسان الأخرى. على هامش دورة مجلس حقوق الإنسان، استمع الدبلوماسيون والإعلاميون إلى محاضرات حول اعتقال البرلمانيين الفلسطينيين على مدى سنوات في السجون الإسرائيلية، وإلى تقرير رسمي حول انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين، وإلى تقرير لاحق لتقرير جولدستون، الذي غطى القتل الجماعي لحوالي 5000 فلسطيني في أقل من شهر واحد في الفترة من 26 ديسمبر 2008 إلى 19 يناير 2009 خلال الهجوم الإسرائيلي بالطائرات والدبابات على قطاع غزة. والأهم من ذلك أن عضو البرلمان الفلسطيني عن حركة حماس إسماعيل الأشقر ألقى محاضرة عن اعتقال البرلمانيين الفلسطينيين. هذه الأحداث كانت تحت رعاية منظمات دولية غير حكومية معتمدة، وبعض الإسرائيليين غاضبون من ذلك. بجهود منسقة إسرائيل وأميركا وكندا تم إلغاء المحاضرة الرسمية التي كان إسماعيل الأشقر سيلقيها أمام أعضاء مجلس حقوق الإنسان، لكن ذلك لم يكن كافيا لإسكات الحقيقة.

وتلك هي المشكلة بالنسبة للمحتل الإسرائيلي. اتهامات الاحتلال، الاغتيالات، التمييز العنصري، وقتل المدنيين والأطفال من الجو سوف تختفي. نتنياهو وأعضاء حكومة الليكود المجرمة التي يرأسها لم يكتفوا بإدانة حماس، لكنهم أدانوا جميع الفلسطينيين لأنهم حاولوا أن يوحدوا الأحزاب السياسية الفلسطينية، وعليهم أن يدينوا مجلس حقوق الإنسان الدولي بالكامل –بل ومجلس الأمن بالكامل- لأنه وصف الاحتلال والفصل العنصري كما يجب أن يوصف. لماذا لا يدينون العالم كله، أو ربما الكون كله؟

الأدلة على جرائم الاحتلال الإسرائيلي تكبر كل يوم، وهي محفوظة في السجلات التي تحتفظ بها منظمات مثل "الحق" و"مركز موارد بديل لإقامة الفلسطينيين وحقوق اللاجئين" و"بيت سليم" و"مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في المناطق المحتلة".

هذا الشهر، أصدرت "بيت سليم" تقريرها السنوي حول "حقوق الإنسان في المناطق المحتلة 2011" الذي يغطي قضايا قتل الفلسطينيين، بما في ذلك الشبان الصغار والأطفال، من قبل قوات الأمن الإسرائيلية، واعتقال الفلسطينيين دون إجراءات قانونية، والعنف ضد الفلسطينيين من قبل قوات الأمن الإسرائيلية والمواطنين الإسرائيليين، خاصة المستوطنين في الضفة الغربية، وتوسعة المستوطنات في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وهدم البيوت، ومصادرة الممتلكات الفلسطينية.

الفصل الأول يقول "من 1 يناير إلى 31 ديسمبر من عام 2011، قتلت قوات لأمن الإسرائيلية 115 فلسطينيا، 18 منهم قاصرون (أعمارهم أقل من 18 سنة).

"مائة وخمسة فلسطينيين قتلوا في قطاع غزة. من بين هؤلاء، 37 شخصا لم يكونوا يشاركون في الأعمال العدائية، 49 كانوا يشاركون في الأعمال العدائية، و 14 كانوا أهدافا للقتل المستهدف...بالإضافة إلى ذلك، قتل شرطي فلسطيني فيما كان في مبنى يعود للبحرية التابعة لحماس...

"اثنان وثمانون فلسطينيا قتلوا في هجمات القصف الجوي...عشرون من الـ82 فلسطينيا لم يكونوا يشاركون في الأعمال العدائية..."

كانت تلك مجرد البداية في تقرير تقشعر له الأبدان من 60 صفحة. تقول "بيت سليم" إن ما يخيف هو أنه لم تكن هناك حملة رئيسية، مجرد الوحشية وأعمال القتل العادية. في عصر "الديمقراطية" والاحتجاجات الدولية ضد الأنظمة التي تقتل شعوبها، يجب أن تشعر إسرائيل بالقلق –وهي تشعر بالقلق فعلا. لولا ذلك لما أدان رئيس الوزراء الإسرائيلي اجتماعا في جنيف لم يلق سوى القليل من الاهتمام. إسرائيل تعرف أنه في الجمعية العامة للأمم المتحدة، يؤيد المجتمع الدولي الدولة الفلسطينية، ورحب في سبتمبر 2011 بخطاب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.

لذلك فإن إسرائيل حققت انتصارا صغيرا في جنيف. لكن الأمر احتاج إلى حشد جميع الطاقات والقوى لمنع مجرد محاضرة صغيرة لعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني.