أوضح تقرير اقتصادي أمس أن المملكة ستحتاج لسعر نفط فوق 100 دولار للبرميل بعد عام 2017 لكي تتعادل كفة نفقاتها مع إيراداتها، وذلك بسبب تقلص حجم صادراتها النفطية مستقبلاً؛ لأن النمو الكبير للاستهلاك المحلي من النفط سيستحوذ على حصة أكبر من الإنتاج السعودي.
وأظهر التقرير الصادر عن جدوى للاستثمار أن المملكة التي تعتمد بصورة كبيرة على النفط في توفير إيراداتها تواجه 3 تحديات كبرى في الأعوام القادمة، أولها الارتفاع الحاد جداً في الاستهلاك المحلي للنفط والغازعلى حساب كمية النفط المتاحة للتصدير.
وقال التقرير: "من شأن أسعار النفط المنخفضة - يباع النفط محلياً بسعر يتراوح ما بين 3 % و 20 % من الأسعار العالمية - أن تؤدي إلى تدهور مستوى الكفاءة في توظيف الموارد النفطية؛ حيث ينمو الاستهلاك المحلي بمعدل يفوق ضعفي النمو في الناتج الإجمالي غير النفطي".
وثاني هذه التحديات هو تسارع نمو الإنفاق الحكومي السعودي السنوي الذي ينمو بواقع 7% أو أكثر، وهو معدل مرشح للاستمرار مع تواصل الاعتماد على إيرادات النفط كمصدر رئيسي للدخل.
أما التحدي الثالث فهو بقاء إنتاج النفط السعودي عند مستوياته الحالية، إذ لم يسجل إنتاج النفط السعودي ارتفاعاً كبيراً خلال الثلاثين عاماً الماضية. ولا ترجح "جدوى" في تقريرها أن يرتفع إنتاجه بصورة مضطردة خلال السنوات العشر القادمة أو أكثر.
وقدرت "جدوى" في تقريرها - بناءً على الافتراضات أعلاه - أن السعر التعادلي للنفط المطلوب لمعادلة الإيرادات الفعلية للحكومة مع نفقاتها الفعلية لن يرتفع فوق مستوى 100 دولار للبرميل حتى عام 2017، وسيظل دون مستوى 120 دولاراً للبرميل حتى عام 2021. وبما أن الأسعار في السوق العالمية ستظل قريبة من ذلك المستوى طيلة تلك الفترة، فإن جدوى تتوقع أن تشهد المملكة نحو عقد من الزمان لن تتعرض فيه إلا إلى مستويات عجز صغيرة نسبياً بما لا يؤثر بصورة كبيرة على موجوداتها الأجنبية.
ولكن السعر التعادلي سيبدأ في الارتفاع بسرعة بعد تلك الفترة، حيث تحتاج المملكة بحلول عام 2025 لسعر للنفط عند مستوى 175 دولاراً للبرميل لتحقق التعادل بين إيراداتها ونفقاتها الفعلية، ثم يرتفع السعر التعادلي إلى أكثر من 320 دولاراً للبرميل بحلول عام 2030. عندها سيكون حجم الصادرات النفطية أقل من حجم الاستهلاك المحلي بنحو1.5 مليون برميل يومياً.
وقالت جدوى: "بالطبع، يمكن تفادي تدهور الأوضاع المالية للدولة من خلال تغيير مسار الاتجاهات الحالية لإنتاج النفط واستهلاكه محلياً والإنفاق الحكومي على المشاريع. وتستطيع المملكة تقليص النمو في الاستهلاك المحلي للنفط عن طريق رفع أسعار الطاقة محلياً مع تنفيذ خططها الرامية إلى إنشاء مصانع لتوليد الكهرباء باستخدام الطاقة النووية والطاقة الشمسية، فضلاً عن مجموعة أخرى من التدابير للمحافظة على الطاقة".
وأضافت: "كذلك يمكن خفض معدلات نمو الإنفاق الحكومي تدريجياً، خاصة وأن لدى المملكة وسادة مالية تكفيها لسنوات قادمة. ومن شأن إجراء تغيير في النظام الضريبي أن يساهم في تعزيز الإيرادات غير النفطية. وأخيراً، تستطيع المملكة من خلال موقعها في أوبك إيجاد وسائل للنأي بحصتها من التراجع التدريجي الذي يشهده إنتاج النفط العالمي حالياً".
واستهلاك النفط في المملكة آخذ في الارتفاع وبوتيرة متسارعة، حيث قفز الاستهلاك المحلي وفقاً لبيانات قدمتها الحكومة إلى المبادرة المشتركة لبيانات النفط إلى 2.4 مليون برميل في اليوم في المتوسط في عام 2010 مقارنة بمتوسط 1.9 مليون برميل في اليوم عام 2007 ومتوسط 1.6 مليون برميل في اليوم عام 2003، بحيث بلغ متوسط النمو السنوي منذ عام 2003 نحو 5.2%.