لكل مجتمع على وجه الأرض تفرده وخصوصيته، ويتميز المجتمع الواحد عن الآخر بهويته وما يثبت كيانه ووجوده من تاريخ وإرث ثقافي. وقد يتبلور فكر المجتمع ويتجه نحو سلوكيات مختلفة عن السابق، نظرا للتغيرات العالمية والمحلية، ونظرا لما يتناسب مع تغير الزمن، وما تفرضه الظروف المختلفة من تغير على مستوى الأفراد والجماعات. ولكن تبقى هناك ثوابت قائمة يجب ألا تتبدل ولا تتغير، لوجود عمق تاريخي وثقافي وديني يجدر بها أن تحافظ على استمراريتها وبقائها.

نلاحظ أنه برزت في المجتمع بعض المعوقات والسلبيات التي نشأت مؤخرا، من توحد رأي بعض أفراد المجتمع حول بعض الأفكار والقناعات التي قد يكون لها مبرراتها المنطقية، والتي قد يكون سببها أحد عوامل التغير الإيجابية لحل مشكلة معينة، وأدت إلى تلك السلبية التي أفضت لمشكلة أخرى. نذكر منها على سبيل المثال، مشكلة عزوف بعض المطلقات والأرامل عن الزواج، والسبب الرئيس لذلك في نظري، ولما لمسته من تجارب الكثير ممن يبحثون عن الزوجة الثانية، وممن قد يكونون في حاجة إلى الزواج الثاني لأي سبب من الأسباب، حيث إن الكثير من الرجال لا يجد من ترحب به من النساء زوجا، لرغبتهن في استمرارية الحصول على معونة الضمان الاجتماعي أو الراتب التقاعدي للزوج المتوفى، لعلمهن بأن النظام سيمنعهن من الحصول على ذلك المبلغ المالي عند زواجهن. وأنا أرى أنهن محقات في ذلك، لأنه لن يتقدم لهن إلا كبار السن والمتزوجون، وأكثرهن كن ضحية زواج أو زوج فاشل. وليس لهن خير في ذلك.

ونحن نعلم أن الدولة تسعى إلى تقديم يد العون والمساعدة لهذه الفئة الغالية من المجتمع، وأقرت لهن تلك المخصصات المالية، ولكن عند استمرارية مشكلة عزوف النساء عن الزواج لهذا السبب، فإننا نعلم أننا أمام مشكلة اجتماعية صعبة، وقد تتفاقم، مما يجعل نسبة غير المتزوجات في المجتمع تتكاثر، ومما قد يجعل الباحث عن الزواج في حيرة ويأس، ولاسيما مع وجود أسباب أخرى أدت إلى عدم رغبة بعض النساء في الزواج ومع كثرة الطلاق المستمرة.


ونظرا لكثرة بعض المشاكل الأسرية والمجتمعية المتعددة ولوجود بعض المعوقات والسلبيات، معروفة الأسباب وغير المعروفة. فأنني أقترح بعض الحلول، ومنها:

1. تشجيع الدولة للمختصين لدراسة كثير من المشكلات الاجتماعية والأسرية، وحثهم على إجراء البحوث المختلفة لتوضيح الأسباب ودراستها وإيجاد الحلول المناسبة لها.

2. وأرى كذلك أن الدولة أيدها الله، تستطيع أن تحل مشكلة عزوف النساء المطلقات والأرامل عن الزواج، بإبقاء تلك المبالغ المالية أو نصفها أو جزء منها للمستفيدين منها، وبذلك نضمن حل جزء من تلك الإشكالية، ونضمن بإذن الله بقاء المجتمع في توازن مستمر، ونستطيع أن نقضي على أحد أهم أسباب عزوف النساء عن الزواج، ونسهل للرجال المحتاجين للزواج ولكبار السن الحياة الهانئة.