هرول السيد كوفي عنان إلى روسيا حاملا مشروعه ذا النقاط الخمس، مدعوما من قبل مجلس الأمن، وبموافقة روسيا التي جرت فيها أمس مسرحية كبرى للتواطؤ على دماء الأبرياء في سوريا. ويقول قائل: كيف ذلك وروسيا دعمت خطة عنان؟ والجواب لمن تفاءل بتغير خطاب الدبلوماسية الروسية تجاه الأسد، بأن الدب الروسي يتخبط، وموسكو لم تثق بعد، ولا تريد أن تثق أو تفكر في البدائل الافتراضية لمصالحها الاستراتيجية، ومزاياها التي منحها لها "الأسدان". بل إن ما يقوم به وزير الخارجية سيرجي لافروف هذه الأيام من "تهويش" و "تجديف سياسي"، هو مجرد ذر للرماد في العيون، حتى لا يرى العالم حجم الفشل الذي وصلت إليه موسكو بسبب وقوفها مع الأسد في قتله لشعبه، من جهة، وعدم قدرتها على حل الأزمة سياسيا، من جهة أخرى، وعرقلتها لكل مبادرة أو مشروع يخرجان الأسد من المعادلة! وغضبها حين تطرح فكرة عسكرة الثورة. وأخيرا انتقادها لإغلاق السفارات الخليجية في دمشق، وآخر الأثافي القول بـ"الخشية من دولة سنية سورية"! ما هذه المراهقة السياسية المتأخرة التي تجتاح موسكو؟ ألا تعلم أن الأسد سيمرغ وجهها السياسي في وحل جرائمه، وعبر نقاط عنان الخمس المدعومة من الروس أنفسهم، فالأسد لن ينفذ واحدة من النقاط لأن ذلك يعني سقوطه، وإن لم يكن منها إلا السماح بالتظاهر، وإيقاف إطلاق النار وسحب الآليات العسكرية من المدن.

إن إصرار موسكو على سلمية الحل يبدو مثاليا للمأخوذين بالشعارات، لكنه اليوم أمر صعب جدا حصوله دون تنحي الأسد، ووقف القتل، فالشعب يذبح منذ أكثر من عام، وما زال يخرج للتظاهر كل يوم، فكيف به لو أمن على نفسه من القتل؟

نبوءة: عنان سيسافر كثيرا.. ثم سيتلكأ قليلا.. قبل أن يعلن تعثر خطته، بسبب تفاصيل صغيرة طلبت (روسيا، عفوا سوريا) إضافتها إلى مبادرة النقاط الخمس، وسيكون لوليد المعلم ذلك.. لكن خطة الأممي العجوز للحل السلمي ستفشل.. ذلك الفشل سيقود إلى مسرحية هزلية جديدة، بطلها مبعوث أممي جديد ونص جديد تجري كتابته حاليا في بكين ربما وربما في واشنطن، ليبقى السؤال: من يوقف تلك المسرحيات ويخرج عن النص؟