• تقول الدراسات العلمية إن معدل عمر الإنسان قبل ثمانية آلاف عام (في العصر الحجري) كان عشرين عاماً، ثم بلغ إلى الثالثة والثلاثين عاماً في القرن الخامس عشر في أوروبا، ثم صعد هذا المعدل إلى أعلى رقم بلغه الإنسان منذ وجوده على الأرض، فصار معدل أعمارنا - بعد الثورة الصناعية، وتحديداً في النصف الثاني من المئة سنة الفائتة، وبأثر العناية الصحية، والاكتشافات الطبية، وقدرة الإنسان على السيطرة على انتشار الأوبئة - يتجاوز الثمانين عاماً، وهذا ليس في أكثر البلدان الأولى في الصناعة والصحة والعدالة، بل وحتى في بعض البلدان المتخلفة التي تعاني من ظلم أنظمتها، وشحها بالعناية بصحة شعوبها ورفع وعيها، وتأمين حياة كريمةٍ لها!
• اليوناني العظيم؛ نيكولاس كازنتزاكس، كتب كتاباً شديد الرقة، وكان آخر كتبه؛ سمّاه "تقرير إلى غريكو". الكتاب الذي وثق فيه ما تيسر من ذاكرته فيما يشبه التقرير الذي يقطر حياةً وآلاماً ولوعة عن حياته. يقول نيكولاس في بدايات هذا التقرير واصفاً إحساسه بنهاية العمر بالرغم من تعلقه بالحياة: "أنا لم أتعب.. لكن الشمس غربت"!.
• وهنا في أرضنا وملامحنا.. حين أنظر إلى كهولنا، وأتأمل خرز سبحاتهم المؤمنة تتدافع بين أصابعهم، كما يمرق الفارّون من أرضٍ إلى أرض، متوترين وخائفين، أفكر كم يلوّعهم التشبث ببقايا حكاياتهم وأشيائهم، كم هم مشتاقون للركض والصراخ وحتى العراك. الذين يبلغون سنواتهم الثمانين يحدثون أنفسهم أنهم سيبلغون المئة.. يقولون: لا، لا يمكن أن يكون الموت قريباً جداً، حدّ أنه يحدّق في أجسادنا المنهكة من وراء السقوف والأسوار، لا بدّ أن لنا عمراً أطول مما يخمنه كل الذين ماتوا قبلنا في هذه السنّ أو أقل منها بقليل، أو أكثر منها بقليل. الكهول ما عادوا يفرحون بالليل لأنه كلما أقبلت عتمته تمكن حزن الذهاب وغصته من قرارة أعماقهم شيئاً فشيئا. حزن الذهاب هذا بالذات هو الذي يقضم ما بقي من العمر، والكبار كثيراً.. قلوبهم تشبه قلوب الصغار كثيراً؛ لا يمكن إقناعهم بالوصايا. وربما أننا إذا كبرنا جميعاً تأففنا من الوصايا، وربما صرنا أقل كلاماً، لأن كل الكلمات الممكنة قد قلناها مرارا.. واللغة نفسها تخذل المسنين بذات القدر الذي تخذل به الرضع، الفرق أن خذلانها للكهول قاسٍ ويائس!.
http://www.youtube.com/watch?v=OzwBHP3nnNM&feature=fvsr
• ويقول العلم: إنه في كل بقعةٍ على هذه الأرض.. يعيش الأغنياء والنساء والمتعلمون أكثر من الأميين والفقراء والرجال!