أعطى قدوم الدولي السابق والإداري المحنك أحمد عيد نفحة إنعاش للكرة السعودية كانت تنتظرها في مرحلة جديدة في كل شيء، وعلى كل ما قدمته مجالس الاتحاد السعودي لكرة القدم مشكورة في سنين طويلة وساهم في إحداث طفرة كروية ترجمتها حضوراً وتشريفاً في منافسات نهائيات كأس العالم، على وجه التحديد مشاركة 1994 بالولايات المتحدة الأميركية، غير أن المسيرة توقفت بمحطة ألمانيا 2006، ومنذ ذلك الوقت والكرة السعودية تبحث عن نفسها وعن هويتها التي رسمها جيل وأبطال 1984 و1988 ثم أضاعها جيل ما بعد 1998 إلى مهزلة ملبورن، فكان التغيير مطلباً ملحاً كي تأتي فرق عمل مختلفة تسهم بخبراتها في وضع مسار جديد للكرة السعودية، لا يقتصر على المنتخبات وحسب، وإنما كذلك الأهداف المستقبلية التي تواكب عصراً كروياً له متطلباته وشروطه متى أراد النجاح ومسايرة ركب المنتخبات الدولية المتقدمة آسيوياً وأوروبياً ولاتينيا، والرغبة في تنافس حقيقي مع سادة القارة أولاً ثم التواجد في أهم محفلين رياضيين، وهما دورات الألعاب الأولمبية الصيفية، ونهائيات كأس العالم لكرة القدم.

قدوم أحمد عيد للمهمة الأصعب في مسيرة الكرة السعودية منذ عام 1959 جاء من الباب الواسع، وقد وفق الرئيس العام لرعاية الشباب الأمير نواف بن فيصل في اختيار الرجل الأنسب والأكثر مواءمة مع ظروف المرحلة ومتطلباتها، فالرجل من حيث اتصاله بهذه اللعبة يعد من صلب ورحم كرة القدم السعودية، وتعايش مع أجيال وأساليب عمل لإدارات الاتحاد منذ أكثر من ثلاثة عقود، وله ممارسات عمل طيبة في النادي الأهلي لسنوات، وقبل هذا وذاك الرجل يحمل فكر الشباب والخبرة معاً، بمعنى أن ممارسته الإدارية بالنادي الأهلي منحته معرفة جلية بمتطلبات الشباب وتطلعاتهم الكروية واختلاف ثقافتهم عن الأجيال السابقة التي كانت محكومة بنظرة محلية صرفة وإن ابتعدت كثيراً فهي لا تتعدى الجوار لسنوات وسنوات، بيد أن مرحلة أحمد عيد تلك تمكنت من معرفة هذا التغير الكبير والمؤثر في رؤية الشباب، فضلاً عن أمر مهم يحسب لصالحه في خطواته المستقبلية لقيادة مهام ومسؤوليات الاتحاد السعودي لكرة القدم، ألا وهو أن لدى الرجل خبرة ممارسة ميدانية طويلة بوصفه أحد العلامات الفارقة في تاريخ الكرة السعودية مستوى وخلقاً، وبهذه المؤهلات الطيبة نستطيع القول إن بمقدور أحمد عيد صياغة رؤية عصرية لمفاهيم كثيرة تتصل باللعبة في بلادنا، وليس مجرد تنظيم فرق عمل ولجان هنا وهناك، لأن ما تحتاجه رياضتنا عموما وكرة القدم خصوصاً، فعلياً، رؤية حقيقية قابلة للتنفيذ خلال عشر سنوات مقبلة، على أن يسعى فريق عمل أحمد عيد إلى وضع أطر واضحة ترسم صورة واضحة المعالم للمستقبل على المدى المتوسط والبعيد. وما أرجوه ألا يضع هذا الفريق ثقله وعدته وعتاده على المدى القصير لمجرد القول إن هناك تغييراً ملاحظاً من قبل الوسط الرياضي لاستدرار تعاطفه المؤقت.

لا أشك لحظة في الرغبة الأكيدة عند عيد وفريق عمله في تقديم خلاصة تجاربهم على تنوعها للمساهمة في إعادة الكرة السعودية للواجهة من جديد، وما لا أشك فيه كذلك أن هذا الفريق يجد ثقة كاملة ودعماً معنوياً كبيراً من الرئيس العام لرعاية الشباب، وغالبية شرائح الوسط الرياضي، وهذا الأمر يدعوني للتفاؤل باستمراريته فترة أولى في التشكيل المنتظر للاتحاد السعودي لكرة القدم بصورته الانتخابية، وهو في الواقع يستحق أن يعطى فترة أطول لمتابعة ما سيرسمه من خطط وإستراتيجيات عمل عليها منذ توليه زمام الأمور.