أفزعتني المسائل الحسابية التي قامت بها الصديقة الدكتورة لمياء باعشن في مقالها المنشور قبل أسبوعين والمعنون "ميزانية الأندية حق الأعضاء حلال زلال" قرأتُ مقالها وما حوته من أرقام ستتمتع بها جيوب أعضاء مجالس إدارة الأندية الأدبية كمصروفات سنوية مقررة، فيما بطون المثقفين منها جياع إلا من شمله رضا وشللية الأعضاء المنتخبين مؤخرا، والذين في بعضهم لهم حسابات "إسفنجية ذاتية" غير الأدب والثقافة كون "هذا البعض" ليسوا من أهلهما!

لنبدأ الجمع كما تقول الدكتورة باعشن في مقالها "مكافآت إدارة 180 ألف ريال + انعقاد مجالس 180 ألف ريال + مهمات ثقافية 145 ألفا + لجان النشاط 102 ألف + تحرير الدوريات 20 ألف ريال + إدارة الندوات والمشاركة في المحاضرات 15 ألف ريال، = 642 ألف ريال"! وهذا المبلغ الأخير يتم خصمه من مليون ريال ميزانية سنوية، وهو الحد الأدنى من المصروفات التي ستذهب إلى جيوب الأعضاء سنويا، إلا أنه من الممكن أن يزيد بزيادة النثريات على "المفاطيح" والمناسبات والضيوف التي تهتم بالشكليات والمصالح، ولعلي أستحضر هنا خبرا نشرته إحدى الصحف حول صرف مكافأة لشاعر إسلامي معروف اشترط لإقامة أمسية مكافأة 14 ألف ريال! ولاستقطابه تحايل الأعضاء على اللائحة بإدراج دورة يقوم بها! فيما المكافآت محددة باللائحة ولا تتجاوز 3500 ريال! أذكر هذا المثل لنتخيل حجم الميزانية التي ستُصرف في حال الالتفاف والتحايل، فما بالنا بالحسبة التي قامت بها لمياء!

وبصراحة، كنتُ لمدة أتابع انتخابات الأندية الأدبية بصمت والتي أجريت مؤخرا، ولم أشارك فيها ترشيحا ولا تصويتا رغم عضويتي، وكنتُ أتساءل: من أي حدب وصوب جاءت أسماء من بطون الأودية الأكاديمية والمهن والمعاش، لم يكن لهم قبل ذلك صوت ولا حضور في الأندية الأدبية رغم وجود مقراتها لسنوات طويلة! فهناك أسماء تم انتخابها ولم تكن تعرف عنوان النادي الأدبي الذي ترشحت لعضويته! ويبدو أني وجدت إجابة مقنعة الآن لأعرف لماذا تكالب من لا يحترفون الأدب والثقافة على "الكعكة الحلوة" خرج منها الأدباء والمثقفون جياعا! إنها المميزات المادية التي كفلتها اللائحة للأعضاء حلالا زلالا كما تقول باعشن! فمن هذا الذي يرفض مكافأة ونثريات مهمات ثقافية داخلية وخارجية ثابتة بجانب "بريستيج ثقافي" يصعد به نجمه وربما نراه قريبا عضوا في "الشورى" التي باتت الشغل الشاغل لكثير منهم حتى باتوا يوجهون الدعوات لمسؤولين ويحرصون على نشر صورهم الصحفية حتى بصغائر الأمور، في ظلّ صحافة ثقافية هشة تمتلئ بـ"الإسفنج"! وكل ما في الأمر "سيرة ذاتية ورقية" لا "فعلية" وسيحققون المراد كما تحقق بالأندية الأدبية!

أخيرا، وددتُ فعلا استثمار ميزانية الأندية الأدبية للإسهام في توظيف شباب وشابات سعوديين يعملون فيها وتصرف لهم كرواتب بدلا من صرفها "مكافآت ونثريات" للأعضاء تمثل لهم دخلا ثانيا أو ثالثا، حتما ذلك أجدى!