حاولت أكثر من مرة وبأكثر من طريقة أن أقف على منجزات هيئة حقوق الإنسان وما إذا كان إنشاؤها حقق فارقا لنا مقارنة بالحال الذي كنا عليه قبل وجودها، لكنني عجزت أن أجد لها حضورا لافتا يشار له أو يعتد به أو يمكن أن يعول عليه في تسجيل حالات متفردة ومتعددة وواضحة تكشف لنا حجم وأهمية هذه الهيئة وما دفع لتأسيسها.
وبحكم قربي من الإعلام لم أجد أي حضور غير تقليدي للهيئة وهذا أمر لا غرابة فيه فالإعلام تجذبه الإنجازات والمبادرات التي تعلن عن نفسها بقوة وعدا ذلك لا يمكن لأخبار حضور المؤتمرات وإلقاء الكلمات في المناسبات والزيارات التي تسبقها كاميرات الإعلام أن تصنف ضمن العمل الفاعل والمؤثر وما يمكن إدراجه في قائمة تحقيق الأهداف التي من أجلها وجدت الهيئة.
وبرنامج نشر ثقافة حقوق الإنسان الذي وافق عليه خادم الحرمين الشريفين من منطلق تعزيز توجه الدولة حيال تعزيز وحماية حقوق الإنسان يمكن أخذه كنموذج آخر على تقصير الهيئة وغياب الاتصال الممنهج والاستراتيجي بينها والمواطنين رغم الدعم الذي تحظى به من القيادة، ففي ظني أن جل سكان السعودية حتى اللحظة لا يعرفون حقوقهم ولا يعرفون دور هيئة حقوق الإنسان رغم مرور ثلاث سنوات تقريبا من أربع سنوات وهي المدة المحددة لنشر ثقافة حقوق الإنسان.
وفي مجال المعاملات والمطالب والشكاوى التي يلجأ فيها الناس إلى هيئة حقوق الإنسان كسند لهم وملجأ ومرجع قد يعيد لهم حقا ضائعا أو يرفع ظلما واقعا، يمكن لنا مما ينشر في صحافتنا المحلية ومما وقفت عليه شخصيا من بعض المواطنين الشاكين والمتذمرين أن نعرف أن الهيئة تعاني كثيرا من بيروقراطية قاتلة لا تختلف عن غيرها من الجهات والإدارات إلى درجة أن بعض المعاملات قد تأخذ سنة وسنتين مثلما هو الحال في المحاكم كما يقول أحد المتذمرين، بينما يفترض أن تكون هناك آليات عمل مختلفة لهذه الهيئة تمكنها من إنجاز معاملاتها في وقت قياسي عطفا على طبيعة عملها وطبيعة مشاكل ومطالب من يتوجه إليها وذلك عبر قرار يخولها بالاتصال بجهة عليا قادرة على الحسم في القضايا قبل أن تستفحل بعض الأمور بما قد يؤدي إلى تشويه سمعة السعودية دوليا وينسف جهود سنوات من العمل الإصلاحي فضلا عن تضرر أصحاب الحقوق.
بقي أن أقول: إنه وحسب علمي أن هيئة حقوق الإنسان تعاني أيضا من نقص في الاعتمادات المالية المخصصة لها فهي تستلم أقل مما تحتاج، فضلا عن ضوابط تقليدية معقدة تتعلق بآليات الصرف واعتماد المشاريع والمبادرات مما يحول بين الهيئة وتلبية ما ترغب في تنفيذه، ولهذا لا ينبغي التعامل مع جهة بأهمية هيئة حقوق الإنسان مثلما يتم التعامل مع مصاريف مقاول أو شركة تقوم بإنشاء مبنى أو طريق.
وأخيرا؛ أسأل كل من قرأ هذه السطور هل تعرف حقوقك التي ينبغي أن تدافع عنها ولا تسمح لأحد بالتعدي عليها، وهل تعرف كيف يمكن لك المطالبة بها، ثم هل تعرف المهام المناطة بهيئة حقوق الإنسان؟