"أحياناً تقوم حرب كلامية تقتل الفكرة الأساسية للحوار، وتُبحر بسؤالٍ يبحر بالحوار إلى جزيرة الجدل بعيداً عن مضامين الحق، بقصد التبرير هروباً من تحمل إثم التقصير".
في جلسة ثقافية.. سأل أحدهم لماذا ـ حتى الآن ـ نجد "الرياضة والأخبار والاقتصاد والموروث الشعبي والمنوعات والفن"، مواد رئيسة في القنوات الفضائية التي تقصفنا ببثها يومياً، ولا نجد شيئاً يهتم بالثقافة أو الأدب أو الفكر؟
فرد أحد المهتمين بالشأن الثقافي مؤكداً أن سبب ذلك يعود إلى أن الفضائيات أصبحت تجارة لا تحمل رسالة، بل تبحث عن الأرباح بأي طريقة كانت وبأي أسلوب.
خرج أحد المهتمين بالشأن الإعلامي عن طوره، ليقسم أيماناً مغلظة أن سبب ذلك يعود إلى أننا في العالم العربي لا نمتلك ثقافة تستحق الإبراز، وأن مثقفينا منزوون ومنطوون على أنفسهم لا يتواصلون مع الإعلام ولا يتوقفون عن اتهام الإعلام بالتقصير.
انبرى للحديث شابٌ من زاوية المجلس بصوت خافت أخذ يرتفع شيئاً فشيئاً حتى كاد يبلغ درجة الصراخ، بدأ حديثه بالتأكيد على أنه متابع للإعلام بتلفزيوناته وصحفه، وزاد بأن كلا الرأيين السابقين على صواب؛ فالفضائيات لا تقدم شيئاً إلا لتجني منه ريالاً، والثقافة لا تعرف طريق "الريال" هذا، لأن أهل الثقافة لا يحسنون عرض بضاعتهم لعامة الناس، بدليل أنه لا يوجد أي برنامج ثقافي على الـ "MBC" ولا على "روتانا خليجية" ولا "الرأي" ولا "الوطن" وكلها تجارية تدعي حمل الرسالة الإعلامية.
لم يتمالك موظفٌ حكوميٌ مثقف ـ كان يجلس وسط الجلسة الثقافية ـ نفسه فقاطع الجميع قائلاً: "مالكم كيف تحكمون.. ألا ترون القناة الثقافية التي تبث عليكم؟".
فوقف صاحب السؤال الذي أشعل الجلسة الثقافية ليقول: "لدينا قناة ثقافية حكومية، لكن هل تمتلك هذه القناة برامج ثقافية مؤثرة وصالحة للاستهلاك الإعلامي؟"، مطلقاً سؤالاً آخر دون الوصول إلى إجابة الأول.