يندهش المرء من قصائد الشاعر المبدع وترتاح النفس لريشة الرسام الفنان، ويتحدث الناس بإعجاب ودهشة عن القائد والإداري الملهم، وكل هؤلاء نصادفهم بندرة في حياتنا اليومية، ولكن ما عسانا أن نقول إذا اجتمعت كل هذه الفرائد الإنسانية وتشكلت في شخصية واحدة!!، بالنسبة لي ليس لدي ما أملكه سوى قلمي لأسطر هذه المقالة تعبيراً عن جزيل احترامي وعظيم تقديري لصاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل، حفظه الله، وما قدمه سموه لوطنه وأمته من كرائم الأفعال وجزيل العطاء.
بالأمس، شاهدنا قائد مسيرتنا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، حفظه الله، وهو يكرم الأمير خالد الفيصل بوشاح الملك عبد العزيز نظير جهوده وأعماله تجاه وطنه، ولعمري إن الفيصل يستحق هذا التكريم الأمثل، وعن جدارة يستحق أعلى وسام تمنحه حكومة المملكة العربية السعودية، فهو الشاعر الحكيم الذي احتفل قريباً بعمره الثمانين، قضاها فخراً في خدمة ربه ثم مليكه ووطنه.
لقد تتلمذ الفيصل على يد والده العظيم الملك فيصل، رحمه الله، ولكن يبدو أن مدرسة أخيه الأمير والشاعر الكبير عبدالله الفيصل قد ألقت بظلالها الإبداعية على بواكير إنتاجه ونصوصه الأدبية، إلا أن نقاد اليوم يعدونه صاحب ريادة شعرية متفردة، ومدرسة شعرية متميزة، ولا بد هنا من الإشارة أيضاً إلى كاريزماه وذكائه الحاد في لقاءاته الحوارية، وقدرته الفذة على فرض هيبته الملكية في حضوره، ولفت الأنظار إلى فصاحته أثناء إلقاء خطاباته، فكان بحق أمير الشعراء وشاعر الأمراء.
وعند الحديث عن قصائده وأشعاره لا بد من ذكر السمات التي تميزه عن سواه من الأدباء والشعراء، ففي قصائده تجتمع الرقة بانسيابية مرنة مع العذوبة، وتتميز بدهشة المتلقي لجمال المعنى وإبداع الأسلوب، فسموه يدهشنا ويدهش متابعيه بقدرته الساحرة على احتواء النظائر والنقائض في شعره، وتوظيفها التوظيف الأمثل في نصوصه الشعرية، وفي تاريخ الشعر العربي، لا نجد هذه الخصال إلا في دواوين الشعراء الكبار كالمتنبي وأحمد شوقي وأبي تمام والبحتري والجواهري والبردوني، ولكنه يختلف عنهم بلغته النبطية الشعبية التي اختارها من أعماق بيئته النجدية العربية، واختارها منهاجاً لمسيرته الشعرية، ولكنه مع ذلك استطاع أن يخضعها بذكائه وغريزته الإبداعية إلى نصوص يتناولها المرء البسيط بذات الإعجاب الذي تلقيه في روح الناقد الجهبذ، فلعمري إنه خالد الفيصل وحسبك.