بيئة العمل من أجل أن تعطي وتزدهر تحتاج لمناخ إيجابي ورؤية مستقبلية هدفها التقدم إلى الأمام بصدق وعدل ووفاق. طالما هناك تكاتف وتلاحم وحسن نوايا في محيط يكون قادرا على التغلب على الصعوبات بروح الفريق الواحد وبحوار متجدد يوضح جوانب الخلل في وقتها؛ بحيث لا يدع مجالا للصراع، ولكن هناك في كثير من مواقع العمل ـ على اختلاف أنواعها ـ سواء أجهزة حكومية أو جامعات أو قطاع خاص يوجد من يترصد ويتربص بكل مجتهد صادق مخلص في عمله، بل يسعى بكل جهد لتحجيم الكفاءات التي حوله ولا يساندها أو يمنحها الحافز المعنوي والثقة لتعطي وتبدع وتستمر برعايته، تشجيعا إذا كان مسؤولا أو بأخوة ومعاضدة إذا كان زميلا.
عوامل كثيرة تحكم نفوس المتواطئين ضد الكفاءات الصادقة في عملها؛ إما من باب الغيرة أو الإحساس بالعجز، أو لمجرد اللامبالاة بمنهجية العمل وأهدافه السامية، أو لكون هذا الإحساس نابعا من قصور في المسؤول الذي اتخذ جانب محاربة هذه الكفاءة أو تلك ليغطي على ضعفه في مجال عمله.
إن القمع والإحباط أو الدسائس و الوشايات الموجهة لكل من لديه أو لديها رغبة وطموح وقدرة على العطاء لا تصدر إلا عن إحساس بالضعف والعجز وتصيد المواقف والأخطاء العفوية وتأويلها لكسب جولة الحرب الخفية من طرف نفس غير سوية.
وإن من يقف إلى جانب من لديه طموح أو رغبة في الإنجاز في عمله يعد شريكا في النتيجة والنجاح وحتى الأجر.
إن العمل ليس تصيدا أو تعسفا في الصلاحيات، إنما هو عملية مشتركة بين جميع الأطراف لإنجاحه. ورعاية الكفاءة في محيط العمل ومساندتها هو الأصل في بيئة العمل عندما تأتي من نفوس مؤمنة بما تقوم به من جهود، فكم من حياة تغيرت وتبدلت إلى الأحسن فيكون الدعاء والذكرى الحسنة جزاء من أسهم في ذلك، وكم من حياة عاشت في حرب أعصاب ونكد يلهي عن الوصول للمأمول من العمل وتصبح ذكرى سيئة.
في كل الأحوال، ليس هناك من هو مخلد فالأيام تنطوي والسعيد من يذكر بأعمال صالحة.