اكرهوا ما شئتم من الأغنيات، اكرهوها بكل جوارحكم، كونوا أحرارا في اختياراتكم، ولا تسمحوا لأحد أن يفرض عليكم ما تسمعون.

البشر مجبولون على الاختلاف والتنوع، تتفاوت أحكامهم على الأشياء، ورغباتهم، وتلك سنة الحياة، وليس من المنطقي أن يعترض أحد على ذلك.

ما سأتحدث عنه هنا لا علاقة له بالنقد الفني أو المقامات الموسيقية، أو الألحان المدروسة، بل هو حديث عن الذائقة، عما يعجبنا وما لا يعجبنا فقط.

أم كلثوم، على سبيل المثال، تكاد تكون نقطة اتفاق لمعظم جماهير الغناء العربي، في الأجيال الماضية، على أنها قمة الفن الجميل، وأنها كوكب الشرق، وهي تستحق، ولكن يجب أن تتفحصوا تلك "القطرات" الإعلامية التي "حفرت" عقول العرب حتى آمنوا أن كل الحناجر العربية تأتي من بعدها. ابحثوا عن عيوب صوتها، واسمحوا لأنفسكم بتجاهلها، لكم أن تملوا من طول أغنياتها، وتكرارها لبعض "الكوبليهات"، وأن تتشاءموا من كآبة حفلاتها (الأبيض والأسود)، وأنها لا تتناسب مع هذا الزمن.

كما يمكنكم أيضا أن تقولوا إن صوت فيروز يشبه الآلات الموسيقية التي لا تستطيع أن تحيد عن نغمتها، وإن صوت محمد عبده ينفع للأفراح أكثر منه للطرب، وإن طلال مداح - في نهاية مشواره - ارتضى لنفسه أغنيات لا ترقى لذائقة محبيه، وإن خالد عبدالرحمن هو فنانكم المفضل.

أيضا، تستطيعون كره بعض الأغاني الجميلة، لأنها ارتبطت بمواقف سيئة في حياتكم، كأن تكرهوا أغنية "ليلة خميس" لمحمد عبده، لأنها كانت تبث على القناة السعودية الأولى في مساءات الاختبارات الكئيبة، والأمرّ من ذلك أن نشرة أخبار الـ12 كانت تقطعها.

وعن نفسي، أكره أغنية "فكروني" لأم كلثوم - فقط - لأن أبي أصرّ على سماعها في طريق سفر من جيزان إلى جدة (8 ساعات)، دون أن يمنحني فرصة أن أغير الكاسيت ولو لمرة واحدة.. لكن لا تكرهوا آباءكم.

إنها الذائقة فقط.