ما الذي تخبئه عبوات مفترضة لماء زمزم تنتشر في محلات وشوارع بمدينة الرياض؟ من تلك العبوات تفوح رائحة تجارة مربحة لفريق، وخسارة أموال فريق آخر. أهدافها تكمن في استغلال حاجة البسطاء وبيع الوهم للمرضى بعبارات دينية دون رقابة أو متابعة، ومستثمروها أشخاص سموا أنفسهم "شيوخا" ومعهم فريق من المقيمين دون أسماء.. بألقاب فقط.

في الرياض، يقف هؤلاء، علنا وفي محلات مرخصة، بعبوات زمزم المصنعة في مكة المكرمة، بعد فتحها وطباعة تزكيات عليها من شيوخ لا طريق للوصول إليهم.

"مقري عليها".. هي كلمة الإغراء التي يجلب بها أولئك الباعة زبائنهم في العاصمة التي تجتمع فيها المراكز الرئيسة للجهات الرقابية والدعوية. وحين حاولت "الوطن" الحصول على رد صحة البيئة بأمانة الرياض، صمتت عن الإجابة.

الأمر لا يتعلق بالماء فقط، بل امتد إلى تجارة العلاج بالعسل وزيت الزيتون وقهوة الشعير، وهي بعض من مكونات عبوات فاخرة سميت "تلبينة السنة النبوية" للمداواة من أمراض كان للصيادلة والأطباء فيها آراء مخالفة.




تنتشر في بعض المواقع والمحلات بمدينة الرياض عبوات مفترضة لماء زمزم توزعها عمالة آسيوية كتب عليها "مقري عليها"، جاعلة منها ماركة مسجلة استغلالاً للبسطاء من الناس. عبوات ماء زمزم المزعومة يروجها مجهولون بدعوى أن شيوخا بعينهم قاموا بفتح علب الماء المعقمة والمختومة من المصنع بمكة المكرمة ثم قرؤوا عليها الرقية الشرعية، وحين تسأل الباعة عن هوية هؤلاء الشيوخ أو أرقام الاتصال بهم لا تحصل على إجابة بالطبع. وإلى جانب هذه العبوات تنتشر عبوات وصفائح أخرى تحمل اسم "تلبينة السنة النبوية" وهي عبارة عن قهوة شعير إضافة إلى عبوات العسل وزيت زيتون، في استغلال صارخ لظروف بعض المرضى وحاجتهم للتداوي بأسعار مضاعفة. وحول حقيقة تلك العبوات وقدرتها على شفاء المرضى يقول الصيدلي خالد الرميح إن هناك استغلالا للعاطفة الدينية في تسويق العديد من المنتجات، ويضيف "ما إن توقف سيارتك في أي سوق أو موقف أو مطعم أو شارع عام لقضاء حاجة ثم تعود إليها، حتى تجد عليها ما يضيق به صدرك من الإعلانات الدعائية التي يتفنن أصحابها في ربطها بالدين"، ويتساءل "لماذا هذا الاستغلال العاطفي من قبل مروجي هذه المنتجات ؟ وأين الرقابة ؟ وأين الوعي الاجتماعي ؟ ولماذا لا يكون هناك توعية إعلامية مكثفة في وسائل الإعلام المختلفة ؟ مشيراً إلى أن المروجين يستغلون حاجة المرضى في ظل غياب الرقابة الدائمة.

أما الصيدلي تركي الشمراني فيرى أن هذا الأمر ليس استغلالاً للمواطن فحسب بل للزائر من خارج المملكة، حيث يتم إيهامه بهذه البضائع من أجل الكسب المادي. فيما يعبر المواطن فيصل ناصر البلوشي عن أسفه الشديد لترويج منتجات أو بضائع باستغلال الدين بغرض الكسب المادي، إضافة إلى استغلال بساطة بعض المواطنين وإيهامهم بمنتجات تحمل شعارات من هذا النوع، مبدياً استغرابه من انتشار مثل هذه التجاوزات دون أن تحرك الجهات المعنية ساكناً، على حد تعبيره.

ويؤكد المواطن، أحد الذين يعالجون بالرقية الشرعية ناصر عبد الله الجريد أنه اطلع على المنتجات ورأى عمالة من بنجلاديش يقومون بتوزيعها على محلات العطارة والمحامص بدون تصريح ودون وضع بيانات الشيخ الراقي على الكرتون أو العبوات مجهولة المصدر، مقترحاً أن تتولى مثل هذه الأمور جهات رقابية متخصصة، وأن يسمح للشيخ بوضع بياناته مثل اسمه وهاتفه ومكانه وأن تباع في مواقع مخصصة لذلك الغرض، وتابع "نحن لا ندعو إلى المنع ولكن نريد التنظيم حتى لا نتيح الفرصة للتلاعب بعقول الناس وأخذ أموالهم بغير حق". "الوطن" حاولت الحصول على رد من الإدارة العامة لصحة البيئة بالأمانة العامة بمنطقة الرياض بشأن ذلك الموضوع سواء بالاتصال عبر الهاتف أو طلب الإفادة عن طريق الفاكس، إلا أنها لم تحصل على رد من المسؤولين.