من قلب يملؤه العشق والمحبة، أتقدم بباقي عمري حزنا على الشباب الغضّ الحر الوفي للأرض والعرض والوطن في موطني وبلدي السودان الصابر الصامد.

مزيج من الحزن والفرح والفخر يغزو وجداني كمواطن عربي تثقله أوجاع وهموم أمته العربية، التي قدر لها على امتداد تاريخها أن تعاني تارة بفعل عوامل خارجية، وأخرى نزاعات وخلافات داخلية.


وأتساءل، ومعي يتساءل كثيرون ممن ينطقون العربية، لماذا نحن تحديدا من يتم التعامل معهم بفرضية أننا لم نبلغ الفطام أو سن الرشد أو مرحلة النضج الفكري؟، لماذا نساق قهرا لتلبية الفرمانات التي نتلقاها من كل صوب؟، لماذا وكأننا نوع من القطعان مجهولة المصدر؟ لماذا نؤدي دورنا في الحياة مثل كومبارس في مسرحية هزلية؟، لماذا لا تتوفر لنا الفرصة كاملة لاستخدام عقولنا ونحن المكون الأساسي للأوطان وللأمة؟.

ما أخذني إلى طرح كل هذه التساؤلات، هو الأحداث المؤسفة التي شهدتها أرض السودان، ولماذا يدفع هذا الثمن الباهظ من دماء شبابه ورجاله وأبنائه، وإن كان قد أسعدني أن الدماء لم تهدر بلا نتيجة، فقد جاءت النتيجة بصحوة الجماهير الحرة الأبية، واحتياجها إلى ممارسة حقها في حياة حرة كريمة خالية من القيود والإملاءات.

لقد رفض الشعب الثائر والجماهير الغاضبة الامتثال لأن يكونوا مجرد أرقام لا يعتد بها إلا حين تتم عملية تعداد السكان، فما يحدث من إصرار على وحدة شعب واسترداد حقه ووقوفه وتصميمه على الاستمرار في حمل راية الحق كصرخة مدويه في كافة الشوارع والميادين ليؤكد أنه:

إذا الشعب يوما أراد الحياه

فلا بد أن يستجيب القدر

ولا بد لليل أن ينجلي

ولا بد للقيد أن ينكسر

وقد استطاع الشعب البطل بهدير الجماهير الثائرة أن يصحح المسار ويختار تكملة مشواره في الحياة بكرامة وعزة تليق بأمة عريقة.