قلت لصاحبي العزيز، أبوزياد موسى بن محرق النعمي، وأنا أواجهه فجأة في أحد شوارع مدينتي قادماً من الأثيرة الفاتنة جازان: هيا بنا إلى طاولة المقهى المجاور كي نعقد جلسة مباحثات لسبل تطوير العلاقة الثنائية ما بين المنطقتين. وبكل تأكيد فقد شكلت هذه الطفرة التنموية الكبرى ملامح اقتصادية واجتماعية تتقاطع فيها وتشترك مناطق المملكة المتجاورة. إخوتنا الكرام في منطقة جازان دائماً ما يشتكون لي أن الماء المحلى من البحر الجازاني يصعد إلى قمم عسير ليشربوه زلالاً وهو يمر من أراضي منطقتهم في أنابيب صماء لا تنفذ منها قطرة واحدة. قلت لصاحبي، ولكن جبالنا في المقابل لا تمسك من قطر السحاب لتراً واحداً لأنها بانحدار شديد إلى الجنوب وكل ما تشربونه من بطون الأودية وكل مخزونكم الجوفي الهائل من الماء قادم في الأصل من قمم السحاب وإذا كنا نشرب الماء من البحر المالح فأنتم تشربون الغمام الزلال ضعف المعدل الذي يأتينا من ماء التحلية. وفي جلسة المباحثات، يشتكي صديقي الغالي من ضغط التدفق السياحي في موسم الشتاء وخصوصاً أن أهل عسير لديهم ملاءة مالية عالية مما ساهم في ارتفاع الأسعار وضغط الخدمات. قلت له إنه لم ينظر لنصف الكوب الآخر لأن هذه الآلاف تصرف الملايين في الاستثمار السياحي وفي تنشيط الحركة الاقتصادية وبالتالي فإن على جلسة المباحثات في العلاقات الثنائية ما بين المنطقتين يجب أن تواجه الأسئلة التي تحار معها الأجوبة: لماذا تعترض إدارة الطرق أو غيرها في جارتنا العزيزة على إكمال الطريق الشمالي الذي يختصر مشوار أهالي عسير إلى البحر فمازال معطلاً للسنة السادسة؟ لماذا نختلف حول كمية الماء المقررة لأهالي المنطقتين المتجاورتين رغم أننا في النهاية سنشرب الماء – الحكومي – ولله الحمد؟ لماذا اضطر أهالي عسير أن يصلوا بمطالبهم إلى سمو أمير منطقة جازان كي تصل إليهم خدمات الإدارات الحكومية المختلفة في – حاراتهم – الضخمة التي بنوها على أقرب نقطة في المنطقة ما بين المنطقتين؟ أخذت صديقي الغالي إلى الجسر الرابط على الطريق في النقطة الفاصلة ما بين الحدود الإدارية للمنطقتين ثم شاهدنا معا نصف الجسر وقد اصطبغ بالألوان وزين بالأنوار بينما نصفه الآخر أسمنتي أجرد مظلم لأنه لا يقع ضمن الحد الإداري. انتهت المساحة رغم أن محضر المباحثات ما زال مفتوحاً لجلسة قادمة.