أعتقد أن الاعتراف بالفشل يحتاج لشجاعة نادرة! إذ لا أحد في مجتمعاتنا يريد الاعتراف بالفشل.. مع أن الاعتراف بالفشل دليل قوة في الشخصية، وهو المثال الأبلغ للتصالح مع الذات. الاعتراف بالفشل هو الخطوة الأولى على سلم الخبرة والبداية الصحيحة للنجاح. قبل يومين كنت أتابع برنامجا في برنامج "الثامنة" الذي يقدمه الزميل داود الشريان على قناة mbc1.. كان السؤال الموجه للأمير عبدالله بن فيصل ـ رئيس الهيئة العامة للاستثمار السابق ـ "لماذا تركت العمل في الهيئة العامة للاستثمار"؟ كان بوسع الأمير أن يقول تركت الهيئة لأنني أريد إتاحة الفرصة لغيري.. ولو قال ذلك لوجد حديثه صدى شعبياً.. خاصة في ظل الأصوات التي تنادي بإتاحة الفرصة للكفاءات الشابة وضرورة إتاحة الفرصة للجميع.. كان بوسع الأمير أيضاً أن يقول تركت هيئة الاستثمار لأنني أديت المطلوب مني، وأريد أن أتفرغ لحياتي الخاصة.. وهذا أمر هو الآخر سيجد صدى جماهيريا خاصة في ظل وجود مسؤولين يتشبثون بالمناصب حتى آخر يوم في حياتهم!

كان بوسع الأمير عبدالله بن فيصل أن يسرد ما يشاء من الأسباب التي ستجد صدى طيباً.. لكنه كان متصالحاً مع ذاته، صادقا مع نفسه، قبل أن يكون صادقا معنا.. فقد اعترف بالحقيقة التي يهرب منها الكثيرون، حينما قال بشجاعة نادرة: "فشلت في تحقيق نتائج توازي المجهود المبذول لي وللزملاء"!

ولو سمح لي الزملاء في قسم التصحيح والإخراج لوضعت ألف علامة تعجب! لست بشأن الحديث عن هيئة الاستثمار.. لكني سعيد جدا بانتشار ثقافة تحمل المسؤولية والاعتراف بها.. سعيد بوجود شخص يعترف بـ(الفشل) في مجتمعنا الذي يكاد يحلف أفراده إنهم (ناجحون).. لو اعترفنا بالفشل ـ على الأقل في الغرف المغلقة ـ لاختصرنا الكثير من الوقت في اللحاق بالآخرين.