أن أحتفل.. أحتفل

أحتفل بالوجوه الصديقة القديمة..

أحتفل بالمدن العتيقة..


أحتفل بالموتى وبالأصحاب المقربين..

أحتفل بالماضي وبالأعياد التي حدثت في زمن قديم

أحتفل بزمن يعلوه الغبار

حتى عيد ميلادي حدث قديم

تعالوا لنحتفل بعيد جديد.. حديث.. عيد مستقبلي..

التفاؤل حماقة كبيرة

والتشاؤم حالة مرضية مقيتة.

لست متفائلة ولست متشائمة ولكني أتراوح في الخطوط الملونة ما بين هاتين النغمتين

ماذا تعرفين عن الموسيقى؟

الصداع..!

وماذا تعرفين عن الرسم؟

رائحة التربنتين..!

والآن ماذا تعرفين عن الكتابة؟

الأخطاء النحوية..!

كلا.. كلا.. أنا أدعي الحزن.!

* * *

وضعوا خارطة الوطن العربي في رؤوسهم مفكرين بالعودة، فلديهم جميعا مؤهلات تسمح لهم باختيار المنفى.

كانت مجموعة متنوعة الاختصاصات والاهتمامات كباقة أزهار برية، الشمس حاجة لمن اعتادها أو لمن لم يعتدها، لهفة الأصدقاء.. وجوهم الساخنة.. نظرتهم المتسائلة.. فضولهم الذي لا حد له.. ثرثرتهم التي تقضي على الوقت المتمهل بعجلة.. الكسل.. النوم.. الحنين إلى الظل.. إلى الليل.. إلى سماء فسيحة.. إلى حديقة في الدار.. إلى فنجان شاي بعد القيلولة.

كل شيء جلي تحت الشمس، كل القلوب عارية تلفظ ثمارها بمودة وبنزق شديدين.. المنطق هو البعيد الوحيد، لا منطق لمن يختلط في قلبه العنف بالسكينة، لا منطق لمن يندهش.. لا منطق للذي يعشق.

ولكنهم فكروا.. لن تكون عاطفيا حتى في بلدك لأنك ستعاقب حتما وأن عاطفتك هي لعبة الآخرين!.

* * *

الطالبة الإيرانية التي جلست في التلفزيون كانت تلف شعرها بإيشارب أسود وتلبس الجينز، وقد وضعت يدها خلف مسند الكرسي الذي جلست عليه، في جلسة محاولة خلالها أن تُفْهِم الآخرين الذين استدعوا لمشاركتها هذا البرنامج التلفزيوني بأنها معادية.. وبأنها غاضبة وأنها تتوقع سلفا أنهم لن يفهموا موقف بلادها بالكامل.

وجهها المستدير ذكرني باللوحات القديمة التي كانت ترسم مع أشعار عمر الخيام.. نساء صغيرات يتوزعن في الجنائن.. هذا ما كان عليه وجهها، أما هي فعلا فكانت كتلة من غضب تتحدث الفرنسية بطلاقة وبعصبية وبعجلة وبعاطفة كبيرة، أقصد بعاطفة مضادة، كانت تريد أن توضح وجهة نظر غضبها هذه لكل الذين يشتركون معها، والذين يتفرجون عليها، على امرأة من هذا العالم السحري الشرقي عندما نتحدث! وهل تعرف تتحدث، وما الذي ستقوله وهي التي تضع إيشاربا فوق رأسها وكأنها تضع ريشة.

لقد جلست على يسار مقدم البرنامج أما على يمينه فقد جلست السيدة كنيدي وهي ليست جاكلين أو كاترين أو الخ، وإنما هي زوجة المستشار الاقتصادي في سفارة الولايات المتحدة في طهران سابقا والرهينة حاليا! جلس بقرب السيدة كنيدي سفير أميركي سابق ثم محام إيطالي ومحام أرجنتيني.. وجلس بجانب الفتاة الإيرانية محام ألماني ثم سكرتيرة السفير السعودي السابقة (فرنسية)، والتي سبق لها أن أخذت كرهينة في عام 1973 ثم محام آخر.

تحدثت الفتاة الإيرانية أولا فقالت لا يمكن أن نفصل حادثة رهائن طهران عن وضع إيران السابق.. كانت منفعلة، تود البكاء..

تحدثت بعدها مدام كنيدي تصف شعورها كزوجة لرهينة.. ولا أدري لم تراءى إلي أن السيدة كنيدي فرحة بعض الشيء! وأن حياتها مع السيد الرهينة لم تكن مستتبة سابقا، وها هي بفضل كونه رهينة تحظى بالسفر من أميركا إلى باريس وتتحدث بالتلفزيون! ولذا فهي تعلن أن الواجب القومي أحق بالاهتمام من الواجب العاطفي! يشيد السفير الأميركي السابق بوطنيتها ويؤكد على مبدأ حقوق الإنسان.

فكرت وأنا أتطلع إليه.. يجب أن يكون الإنسان أميركيا.. ودبلوماسيا لكي تكون له حقوق!

تحدث المحامي الأرجنتيني عن الوضع (الممتاز) في بلاده فقال إن الناس في الأرجنتين يذهبون للنزهة كثيرا ويعنفون دائما وهم يتفسحون!

قال إن السجون لا تكتظ بالمعتقلين، قال إن أحد المسؤولين قد صرح بأن كل من اختفى يمكن اعتباره ميتا، قال: إن الحكم العسكري حكم رشيق!

26 /2 /1400