رغم صغرهم إلا أن أفكارهم وإبداعاتهم لحلول المشاكل وتجاوز الصعاب تعدت أعمارهم وآتت ثمارها بعد أن وجدت من يرعاها لتصبح أفكارهم وإبداعاتهم مترجمة على أرض الواقع، وأصبحت المواهب تتنافس في العديد من الفعاليات العلمية سواء داخل المملكة وخارجها وحققت مراكز متقدمة بفضل الدعم الكبير المادي والبشري ضمن برنامج خادم الحرمين الشريفين لرعاية الموهوبين.

"الوطن" وعلى مدى أسبوع كامل زارت ملتقى الموهوبين بمكة المكرمة ووقفت على بعض النماذج والأفكار التي طرحت من قبل الموهوبين كما التقت ببعضهم وبمعلميهم وبالمشرفين على تنمية مواهبهم.

حلول بديلة للطاقة

في البداية، تحدث الموهوب أنمار سراج الذي ينتسب للمستوى الثالث في برنامج خادم الحرمين للموهوبين عن الحلول الممكنة التي يمكن اللجوء إليها لمواجهة احتمالية نضوب النفط، وقال عن المشروع "أخذنا عددا من المحاضرات والزيارات ستعقبها زيارة لشركة أرامكو للالتقاء بالخبراء هناك كما نعمل على إيجاد حلول بديلة للطاقة الحالية (النفط) من خلال استخدام الطاقة الشمسية، والترشيد في استهلاك الوقود بالسيارات".

صندوق لجمع النفايات

فيما بين الموهوب ليث عبدالرحمن سالم أنه وزملاءه في المستوى الرابع من البرنامج يعملون على الاستفادة من علم النانو، وأضاف "زرنا خلال الملتقى مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالرياض للتعرف على هذا العلم"، وعن اختراعاته قال "أنتجت روبوتاً واخترعت صندوقا لجمع النفايات يعمل بالاستشعار بالنفايات ويعمل على شفطها تلقائيا، بالإضافة إلى تطوير جهاز الحاسب الآلي لخدمة ذوي الاحتياجات الخاصة (الصم والبكم والمكفوفين) وتتمثل فكرة الاختراع في أن لوحة المفاتيح تكون باللمس وبها بروز تساعد المكفوفين على القراءة لما يعرض على الشاشة، وأيضا الكتابة من خلالها بلغة برايل".

تصنيع روبوت

أما الطالب الموهوب بسام عصام يغمور فيروي قصصا أخرى للنجاح تمثلت في تصنيع روبوت آلي ولم يتم تجميعه، وقال "تم تصنيع الدوائر الإلكترونية والقطع الحركية وأنظمة الاستشعار والحساسات حتى أصبح حقيقة يتم تحريكه وتوجيهه آليا للقيام بأعمال مبرمجة خدمية وذلك خلال رحلتنا العلمية إلى ماليزيا".

وأضاف يغمور "حصلنا على كأس الحصان الأسود وهي جائزة اشتراكنا في مسابقة للروبوت في المدينة المنورة بالإضافة إلى جائزة الإبداع لأفضل فريق عمل جماعي ومن المتوقع أيضا خلال هذا الصيف أن ننتقل إلى ماليزيا مرة أخرى لاستكمال بعض المشاريع والأفكار".

وبين الموهوب هشام الرحيلي من المستوى الأول أنه "من خلال هذا المستوى نتعرف على العديد من الاستراتيجيات المهمة في التخطيط والتفكير والتنفيذ للأفكار لبلورتها على واقع ملموس يخدم شرائح المجتمع، بالإضافة إلى أننا نتعرف على المخاطر التي يمكن أن تحدث في المجتمع وأنواعها وسبل الوقاية منها ومنعها وكيفية التعامل معها من خلال إيجاد حلول جذرية للمشكلات التي تتعلق بالأمن والسلامة سواء داخل المنزل أو خارجه وفي كل مكان يمكن أن يتواجد فيها الإنسان".

أهمية الإلكترونيات الحضارية

من جانبه، بين مشرف المستوى الرابع سلمان المشرفي أنهم يعملون خلال هذا المستوى على تنمية موهبة الطلاب لتعريفهم بالإلكترونيات وأهميتها الحضارية، وقال "يتلقى الطلاب معلومات موسعة وشاملة عن عناصر الإلكترونيات وتصميمها وتنفيذ الدوائر الإلكترونية، كما نمكن الموهوب أن يعمل بحثا ميدانيا تجريبيا في أثر النفايات والمخلفات الإلكترونية على البيئة والصحة العامة بالتعاون مع بعض الهيئات والمنظمات المعنية بهذا الجانب من خلال تكثيف المعلومات لكي يتقن خطوات البحث العلمي".

من جهته قال مدير الملتقى الإثرائي الصيفي لرعاية الموهوبين عادل قطب "إن الهدف الرئيس من إقامة الملتقى تنمية طاقات الطلاب الموهوبين وقدراتهم العلمية والذهنية من خلال تقديم برامج إثرائية مكثفة وفق استراتيجيات واضحة ومحددة خلال فترة الإجازة الصيفية بالإضافة إلى تمكينهم من ممارسة مهارات التفكير بصور متعددة أكثر عمقا وبطرق متنوعة"، وأضاف "وإعطائهم الفرصة على الرغم من صغر سنهم في ممارسة طرق البحث العلمي ودراسة الظواهر الطبيعية ذات العلاقة بمحتوى البرنامج الإثرائي لكل مستوى من مستويات هذا العام، حيث يتعلق المستوى الأول بجانب الأمن والسلامة وتطبيق مهارات الكورت والعصف الذهني والاسكابر وهو الموجه نحو طلاب الصف الخامس والسادس الابتدائي، بالإضافة إلى تطبيق مهارة حل المشكلات بطرق إبداعية للمستوى الثاني فيما يتعلق بجانب الأمن التقني باستخدام الربورت في نقل المواد"، وعن المستوى الثالث قال "يتناول جانب الأمن الاقتصادي فيما يتعلق بمصدر الطاقة الحيوي النفط لما يمثل هذا المصدر من أهمية اقتصادية للمملكة في ظل ما يتردد من مخاوف العلماء من نضوب النفط في المستقبل لأجل تعويد الناشئة الموهوبة في إيجاد حلول وبدائل أخرى للاقتصاد الوطني من خلال دراسة مهارية لحل المشكلات المترتبة على ذلك التوقع المستقبلي بطرق إبداعية، حيث سبق أن درس الطلاب الملتحقون في السنوات السابقة بالملتقيات المماثلة مشكلات التصحر ومشكلة ندرة المياه الصالحة للشرب"، وأضاف "ويتناول المستوى الرابع الأمن البيئي من خلال دراسة المتعلقات بهذا الجانب وما يتعرض له من تلوث بيئي من خلال تطبيق مهارة البحث العلمي وهي الأبحاث التي سيشارك بها الطلاب في الملتقيات والمؤتمرات العالمية من خلال إنتاجهم العلمي وبحوثهم في هذا المجال".

أنشطة داخلية وخارجية

وأضاف قطب "في حين سيتلقى الطلاب الموهوبون أنشطة داخل المركز وخارجه حسب كل مستوى من المستويات الأربعة لتعويد الطلاب على الإحساس بالمشكلات الموجودة في المجتمع، ففي المستوى الأول المتعلق بالأمن والسلامة ستتم استضافة ضابط متخصص في السلامة بإدارة الدفاع المدني لشرح مفاهيم الأمن والسلامة داخل الأسرة وخارجها من خلال الكوارث والحوادث والحرائق، كما ستتم زيارة برج الساعة في وقف الملك عبدالعزيز بجوار الحرم المكي الشريف للاطلاع على آليات تنظيم وإدارة الحشود البشرية للمعتمرين داخل المجمعات السكانية والفندقية والآلية المتبعة في توفير الأمن والسلامة لضيوف الرحمن من خلال تنظيم دخولهم وخروجهم وصعودهم ونزولهم بأعدادهم الكثيفة من وإلى الحرم المكي الشريف"، وعلى المستوى الثاني فإنهم سيزورون "مصانع تعمل على استخدام الربورت في خطوط الإنتاج وكيفية برمجتها والتعامل معها بحيث يتلقى الطلاب في هذا المستوى شرحا ميدانيا عن الاستخدامات التقنية لهذا العلم الحديث". فيما سيزور طلاب المستوى الثالث "إمبراطورية النفط الوطنية شركة أرامكو وسيلتقون بخبراء النفط للحديث عن النفط في الوقت الحالي واستخداماته وما هي التصورات المستقبلية والحلول في حالة نضوبه والأبحاث والدراسات التي أجريت في هذا الصدد، كما سيزور طلاب المستوى الرابع كلية الأرصاد بجامعة الملك عبدالعزيز فيما يتعلق ببرنامجهم في الأمن البيئي والاطلاع على آليات العمل والبحوث والدراسات التي أجريت للحد من التلوث ومنع آثاره على البيئة بأنواعها المختلفة لتأمين الأمن لهذه البيئة التي نعيش فيها".

وعلى مستوى الجانب الاجتماعي قال قطب يهتم البرنامج الإثرائي بإكساب الطلاب فنون التواصل الاجتماعي مع الآخرين، وعن الفئة المستهدفة من البرنامج قال هي الفئة الواقعة بين الصف الخامس الابتدائي إلى الثالث المتوسط، حيث تم ترشيحهم في بادئ الأمر من مدارسهم وأجريت لهم اختبارات وقياس وفق مقاييس مقننة لتحديد قدراتهم ومستوى ذكائهم تجريه الإدارة العامة للموهوبين بإدارة التربية والتعليم.

وأشار عادل قطب إلى أن الطلاب سيتمكنون عقب الزيارة الميدانية من كتابة التقارير العلمية تحت إشراف كوادر بشرية مؤهلة تأهيلا علميا وذات خبرة في رعاية الموهوبين لأجل ترجمة ما سمعه الطالب وشاهده إلى خطوات علمية في معالجة المشكلات بطرق إبداعية إلى واقع عملي كمنتج في مرحلة التميز اللاحقة وذلك للمشاركة في معارض موهبة في المسابقات القادمة داخل وخارج المملكة.

تنمية مهارات الأسرة لرعاية الموهوب

من جانبه، قال مسؤول وحدة الكشف عن الموهوبين بإدارة التربية والتعليم بمكة المكرمة الدكتور عبدالوهاب انديجاني "الموهوب ليس شخصا منعزلا عن بيئة اجتماعية بل يعيش داخل أسرة ومن هنا نعمل مع أفراد أسرة الموهوب لتنمية مهاراتهم في رعاية ابنهم الموهوب، وتجنيبه الإحباط الذي قد يساوره إن لم يجد التعزيز المناسب على أفكاره واختراعاته، وما علماء اليوم المخترعون إلا موهوبين في الصغر وجدوا الرعاية والاهتمام من قبل الأسرة والمدرسة ونعمل على أن نوحد الجهود مع أفراد الأسرة للمحافظة على موهبة الطالب وإلا فإن ما يتلقاه الطالب داخل الملتقى يذهب هدرا فلا بد من تضافر الجهود".