كم هو مفرح أن ترى التميز والمهنية والتطور يعم إحدى المؤسسات الوطنية أو الوزارات، وأن ترى شبابا سعوديين على مستوى عالٍ من التعليم والوعي والحرص على خدمة هذا الوطن من خلال تجويد الأداء. فكم خالجني التفاؤل والأمل وأنا أقف على مستوى العمل وجودته في وزارة الخارجية حين رأيت كوادر شبابية سعودية تقدم أفضل المستويات وأرقى الخدمات.
سعدت خلال الأيام الماضية بالالتقاء ومحاورة الأمير خالد بن سعود بن خالد مساعد وزير الخارجية، وتعرفت من خلال زيارتي لمقر وزارة الخارجية السعودية على أداء العديد من الإدارات والأقسام في الوزارة، وكان القاسم المشترك بين كل الإدارات حسن التنظيم وجودة مخرجات العمل في كافة الجوانب، مما دفعني لإمعان النظر والبحث عن أسباب هذا الأداء المتميز، فوجدت أن لدى الوزارة رؤية ورسالة وقيما محددة تتناول جميع أهداف عملها، وهو مانفتقده في غالبية الوزارات والجهات الحكومية.
الوزارة طبقت برامج وأنظمة العمل الإلكترونية في جميع جوانب أعمالها، وتعد من أول القطاعات الحكومية التي تزاول معظم أعمالها الإدارية والمالية وقطاع الخدمات من خلال أنظمة إلكترونية صممت لهذا الغرض، وهو ما أهلها للحصول على عدد من الجوائز الدولية في مجال الخدمات التقنية والمعلوماتية، وهذا أمر طبيعي مع وجود وكالة للوزارة متخصصة في شؤون المعلومات والتقنية.
ومما شد انتباهي وجود إدارة للجودة الشاملة في الوزارة، تهتم بجودة وتميّز الأداء والارتقاء بالخدمات التي تقدمها الوزارة، وبأن عدداً من القطاعات الحكومية في المملكة تستفيد من تجربة الجودة في الخارجية وخبراتها.
ومن الحراك المميز في هذه الوزارة استثمارها في الكوادر البشرية، عندما صممت مسارات تدريبية متخصصة وربطتها بالمسارات الوظيفية وإعدادها لبرامج داخلية وخارجية مع جهات متخصصة وبعض البعثات الأجنبية المعتمدة في المملكة يستفيد منها الموظفون في وزارة الخارجية وعدد من القطاعات الأخرى في الدولة.
إن من أكثر ما لفت انتباهي في الآونة الأخيرة، في رحلة إلى جنيف، هو موظف من القنصلية السعودية في المطار يزود القادمين من المملكة بنشرات تعريفية عن البلد تتضمن بعض أنظمته ونصائح وتحذيرات تخدم المواطن في هذا البلد.
المتتبع للتطور الكبير في أداء الخارجية من الناحية التنظيمية والإدارية، يجد تأكيدها في أكثر من بيان للبعثات الدبلوماسية التابعة لها في جميع دول العالم بالاهتمام بشؤون السعوديين في الخارج، وفي مقدمته ماصدر من تعليمات مباشرة لعموم السفراء والقناصل التابعين لها في الخارج، بضرورة التعاقد مع محامين أو مكاتب محاماة لمساعدة السعوديين في الخارج والدفاع عنهم وعن حقوقهم، فيما قد يتعرضون له خلال تعاملاتهم اليومية، إضافة إلى عدد من التوجيهات والتعليمات الأخرى التي تصب جميعها في صالح المواطن السعودي، حتى لا يكون صيداً سهلاً لأي جهة أو مجموعة تحاول استغلاله بسبب غياب الرعاية اللازمة من البعثات الدبلوماسية.
إن تورط السعوديين في قضايا بالخارج كان ينبع غالبا من عدم علمهم بقوانين وثقافة هذا البلد أو ذاك، أو لإحساسهم ببعدهم عن الوطن وأعين مجتمعهم، وهو ما دفع الوزارة إلى تكثيف جهودها لسد تلك الفجوة.
ولا شك في الختام أن معظم الأفكار والخطط التطويرية في الخارجية السعودية أتت مدعومة بتوجهات وأفكار الأمير سعود الفيصل الرجل المهموم بقضايا السياسة الدولية وشؤون العالم المتسارع، وموقع بلاده من الحدث، فهو لا يكاد يهبط من طائرة حتى يستقل أخرى. كما لا نغفل أيضا فريق العمل القيادي والمتميز الذي يعمل معه، مما جعل الوزارة نموذجا، آمل أن تحذو حذوه بقية الوزارات جودة وخدمة وتنظيما.