يتحدث الدكتور طارق الحبيب عن أمهات المؤمنين من نساء النبي عليه الصلاة والسلام وكأنهن اليوم من مراجعي عيادته، ويفصِّل في سمات الشخصية وفي الطباع الفردية لهن وكأنهن قد أنهين معلومات استمارة عن التحليل النفسي من شاكلة تلك التي برع في تفصيلها علماء النفس. هذا خطأ مهني ضخم، لأن سعادته أو فضيلته حائر ما بين اللقبين، ما بين الشيخ أو الدكتور. والخطأ المهني الذي أتحدث عنه هو ما يقوله الأطباء بأنه من الخطأ أن تأخذ المعلومة من مراجع عبر مكالمة الهاتف، فكيف به وهو يستعيد هذه الأوصاف لصفات ماتت ورحلت منذ 1400 سنة؟
يقول طارق الحبيب بالأمس القريب في وصفه لأحد علماء العصر الأحياء (هذا الرجل شخصيته كخديجة أم المؤمنين، من الشخصيات الساكنة...) ثم يسترسل في التوصيف. وفي مقابل هذا الإخضاع التحليلي لشخصية أم المؤمنين خديجة، نجد طارق الحبيب وقد وصف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بـ(الفرفوشة الفرائحية) ثم أسبغ عليها المصطلح اللاتيني في تحديد هوية الشخصية. وبين الحالتين واصل طارق الحبيب توصيفه لأسباب زواج المصطفى الكريم من هاتين السيدتين مندفعاً إلى وصف شخصية النبي بما أجبره لاحقاً على الاعتذار، لكنه قال عنه في زواجه من خديجة "عند الزواج كان لزاماً أن يتزوج من امرأة فيها صفات الأمومة لا صفات النضج لأنها أشبعت... في شخصيته" بينما يقول عن عائشة "لي قراءة نفسية لما حدث حول هذا الشيء، أن النبي عندما يكبر يصبح شخصية الأب الكبير فلا يناسبه زوجة إلا الفرفوشة الفرائحية". وبالطبع سيسكت الجميع ليمر هذا الخطأ الفادح بكل هدوء.. كان سيكون عاصفة مدوية لو أنه جاء من غيره، والسبب لأن طارق الحبيب يناور في المسافة ما بين الشيخ وبين الدكتور، ولهذا سكتوا عن أخطاء اللقب الثاني، لأنه أظهر لهم وجه اللقب الأول. هناك أخي طارق الحبيب مساحة مشاعة لآلاف الأسماء وسمات الشخصيات التي تستطيع أن تأخذ منها ما شئت لإسقاط الوصف على الحالة ولنترك نبينا المصطفى وأهل بيته من أن نخضعهم لنظريات العلم المعاصرة. هناك مساحة ترفع بها الحرج عن نفسك وعمن حولك من الساكتين عن التجاوز في ألا تجد إلا أوصاف شخصية النبي المصطفى وأهل بيته، فقصص زواجه عليه أفضل الصلاة والسلام وأسبابها كتبها علماء ثقاة ولم تكن لأنه في الأولى كان (...) ولا في الثانية أبا كبيراً لنخضع هذه الخيارات للتحليل النفسي ونسبغ عليها نظريات علم النفس المعاصر وأنت لا تحرج نفسك ولو بالاضطرار للاعتذار، ولكنك تحرج الذين سكتوا للمرة الثانية، وأرجو أن تقف عند هذا الحرج فلا تأخذهم للثالثة.