انتشرت في الآونة الأخيرة بمدينة بريدة ظاهرة تأجير الخادمات التي ساهمت في رفع أجورهن بمنطقة القصيم، حتى وصل سعر تأجير الخادمة إلى 5 آلاف ريال، وذلك بعد عدة اتصالات ومداولات يتم ترتيبها بين كفيلة الخادمة والمستفيدة، بعيداً عن أعين الأنظمة الرسمية، وتحت غطاء مقابلات تتم في الأسواق والمجمعات التجارية.

ويعمد كثير من أصحاب البيوت إلى الاحتفاظ بأكثر من خادمة في منازلهم، منهن من تتولى مهمتها في خدمة المنزل، فيما يجري تأجير الخادمات الأخريات حيث تمارس الخادمات المؤجرات أعمالهن في الخفاء بعيداً عن عيون الجهات الرسمية مقابل مبلغ مادي يعطى للكفيل.

سوق سوداء

وعلمت "الوطن" أن المركز الرئيسي للتأجير هو شارع المشاغل بمدينة بريدة حيث تلتقي سمسارات التأجير من النساء، ويتعرفن على المستأجرات، ويبدأن في وضع أرقام الهواتف عند بعض العاملات اللاتي يعملن في المشاغل بغرض الإعلان، كما يمارس بعض أصحاب مكاتب العقار تأجير الخادمات سراً، إضافة إلى تأجيرهم العقار، وكذلك بعض ربات المنازل اللاتي امتهن تأجير الخادمات.

ويؤكد المواطن جاسر العمر أنه تفاجأ بطلب قيمة الحجز حيث كان يبحث طوال الأيام الماضية عن خادمة للتأجير عن طريق أرقام هؤلاء النساء، فكان يصله الرد بأنه يجب الدفع الفوري لقيمة الإيجار أو دفع عربون ليتم الحجز، مفيداً أن العربون يتجاوز 2500 ريال. ويقول: عند الدفع يتم تسجيل الاسم ورقم الجوال ومن الممكن حصول المستأجر على خادمة قبل خمسة أيام من بداية رمضان.

وأشار العمر إلى أن المستأجر لا يعلم شيئا عن الخادمة ولا يعرف ما إذا كانت غير قادرة على العمل أو مصابة بأمراض معدية أو أمراض نفسية وغيرها من الأمور التي دائما تتوجس منها العائلات عند استقدام خادمة، مضيفاً أنه لا توجد ضمانات للخادمة، وما إذا كان قد أجري كشف طبي لها أم لا.

مسؤولية الجهات المختصة

ووجه اللوم في انتشار الظاهرة إلى الجهات المسؤولة، مطالباً بأن يسمح لبعض المكاتب الرسمية والمعتمدة بتأجير الخادمات حتى يقطع الطريق على بعض الذين استغلوا حاجة الناس إلى الخادمات ورفعوا مبالغ تأجيرهن بشكل خيالي.

ويؤكد المواطن ناصر الصقور أن البحث عن خادمة بغرض التأجير أصبح عادة سنوية لأغلب المواطنين، مشيراً إلى أن معظم المواطنين يحتاجون الخادمات في رمضان، مضيفاً أن من يبحث عن خادمة للتأجير يُصدم بأجورهن المرتفعة، كما يصدم بأن معظم الخادمات لا يخضعن للفحص الطبي الكامل لضيق الوقت.

ويرى المواطن صالح عبد الله من مدينة بريدة أن الحل الوحيد لقطع الطريق على من يتاجرون بالخادمات هو اللجوء إلى مكتب العمل وإبلاغه بضرورة حل المشكلة التي اعتبرها مزدوجة سواء من قبل المواطنين الذين يبحثون عن الخادمات أو من سماسرة التأجير، مطالباً مكتب العمل بإجراء تحرياته لمعرفة خفايا هذه السوق الخفية التي تتم في المنازل وبسرية تامة.

شروط التأجير

وباتصال "الوطن" على أم عبد الله ببريدة بغرض طلب تأجير خادمة، جاء الرد التالي: عليكم تأمين مبلغ الحجز الآن لأننا نواجه ضغوطاً كبيرة للحصول على خادمات، مؤكدةً أن الطلب كثير ويجب حجز الخادمة لكي لا تضيع فرصة استئجارها.

وعن شروط التأجير، قالت أم عبدالله: يجب إحضار صورة سجل العائلة ومبلغ 2500 ريال، وإحضار الزوجة من أجل مشاهدة الخادمة، فإذا لم يكن معكم زوجة يجب التوقيع على ورقة بيضاء باستلام الخادمة.

استغلال الخادمات

وتروي الخادمة الإندونيسية دارين التي تم تأجيرها لإحدى العوائل، تفاصيل انتقالها بين منازل المستأجرين بقولها "نحصل على مبلغ ألف ريال من التأجير، والباقي يذهب للكفيلة، ونقوم بالالتزام بثقافة أهل المنزل، وهناك اختلافات حسب عدد أفراد العائلة".

وعن المشاكل التي تواجهها قالت "عندما تمرض يصعب عليها الذهاب للمستشفى للخوف من الوقوع في يد الجهات المختصة ومن ثم تطبيق العقوبات بحقها".

التوعية هي الحل

إلى ذلك، يؤكد مندوب مكتب العمل باللجنة المشكلة من عدة جهات حكومية لمتابعة وحل قضايا التأجير غير النظامية سعد التويجري لـ "الوطن" أن ظاهرة تأجير الخادمات أصبحت معضلة حقيقية، مشيراً إلى أن مكاتب التأجير غير النظامية انتهت نهائياً، وهناك متابعة دقيقة من اللجنة، إلا أن المشكلة الكبرى التي تواجه اللجنة تكمن في التأجير عن طريق المنازل، فهذا يشكل صعوبة بالغة لأن الدخول للمنازل يحتاج إلى إجراءات نظامية، مبيناً أنه لابد من معالجة قضايا التأجير عن طريق المنازل بالتوعية الدائمة، لأنها الحل الأمثل للقضاء على الظاهرة.