على الصفحة الأولى من الزميلة "الشرق" يختصر العنوان القصير آخر تفاصيل السطو على ثلث غابة رغدان بالباحة وبصك شرعي واحد من ورقة واحدة. وعلى العنوان المقابل في – هذه الصحيفة – في نفس اليوم تقول لجنة تعديات مدينة جدة إنها استعادت في غارة واحدة ما يناهز خمسة وعشرين كيلومترا مربعا وهدمت آلاف الأمتار الطويلة من – الأحواش – الترابية والأسوار المبنية، مثلما هدمت بعض غرف تجار العقار وهم يبيعون منها ما لا يملكون ويقبضون منها من الأثمان وكل هذا بشجاعة فائقة. سؤالي: لماذا نختلف عن هؤلاء في مثل هذه الجرأة وما هي المواهب التي لا نملكها مثل ما يملكها هؤلاء في الصفات البنيوية لتركيب الشخصية؟ لماذا يفشل من مثلي ومن الآلاف أمثالكم، في شراء موقع خيمة بمتنزه السودة بينما يستطيع فرد واحد في المقابل أن يستولي على ثلث غابة رغدان، وبالطرق النظامية، التي تمنحه صكا شرعيا صادرا من المحكمة وبآليات الإحياء الشرعي ومن ثم الحيازة الشرعية وبالتأكيد شهادة من يشهد أنه أكل منها وشرب. وكل القصة، إما أن هؤلاء يتمتعون، على عكسنا، بنسبة فائضة عن المعدل في إفرازات هرمون (الإدريالين)، ومن لا يعرف هو هرمون الجرأة، أو أن هؤلاء يبلعون كل صباح حبوبا صيدلانية لا نعرفها وهنا الفارق ما بين الذئاب والأرانب. كيف تحلى هؤلاء بكل هذه الشجاعة والجرأة الاستثنائية وهم يبيعون العشوائيات في جنوب ذات المدينة بينما هم يعلمون أن سيف ذات المدينة الصارم اليوم يهدم أحياء العشوائيات القديمة في قلب المدينة ويضرب بيد من فولاذ على أوكار الفساد التي كانت قصة وطنية مجلجلة؟ أجيبوني: كيف يستطيع هؤلاء أن يتسلحوا بذات الجرأة المخيفة على ابتلاع أراض جديدة في أطراف المدينة وهم يدركون ويقرؤون معنا أسماء بعض وكلاء الأمانة ومساعديها وبعض تجار العقار والسماسرة وهم يساقون إلى المحكمة ويواجهون تهم الإفساد والفساد؟
كيف يستطيع شخص ما أن يسلك ذات الطريق وهو يعلم أن آخر الطريق نفسه هو – الحفر – التي وقعت فيها بعض الأسماء اللامعة من قبل وما زالت قصصهم ملء السمع والشم والنظر؟ وأنا اليوم مملوء بكل أسئلة الأرانب عن مكونات شخصية الذئاب. عن الأرانب السعيدة التي تنام بكامل الحبور والسعادة لأنها أكملت لها حفرة بيات بينما الذئب لا يكتفي بحيـازة ربع غـابة كاملة ولم يقتنع بعد بالثلث فما زالت للشجاعة بقية.