يا رجل هذا يكاد يخلع عقلي قبل ضرسي قلت بعد أن استويت: عفواً..؟ تابع: الأطباء هنا مخيفون، ألا تطلع على الأخبار، أعداد الناس بدأت تتناقص يارجل.. كنت حينها قلقاً وأنا أسمع أدوات طبيب الأسنان تواصل حفرها بضرس أحد المستسلمين أمامه، حتى وإن أبديت تفاعلاً مع مباراة لكرة القدم بين فريقين سويسريين لا أعرفهما، إلا أنه وسرعان ما تتنقل عينيّ يميناً ويساراً حين سماع ذلك الصوت الذي يخيل إلي أنه منشار كهربائي بيد حطاب.. طبطب على ركبتي وأردف: هل تعتبرني مثل أخيك..؟ قلت: لا شك بذلك مع أني لا أعرفك، هز رأسه: لذا أنا مهتم بالحديث معك، فسحنتك البشعة تذكرني بأخي الذي توفي بعد أن هوى ببطنه مقص الطبيب.. أطباء كهؤلاء خطرين، سامّين، قد يخطئ أحدهم بشيء تدفع أنت ثمنه الذي يعادل حياتك.. تخيل يا أخي الافتراضي، أني حين أفتح فمي أمام الدكتور يوسف وتبدأ آلاته البغيضة بالدوران قبل أن يطلب من الممرضة جذب الإضاءة نحو وجهي القلق؛ أشعر أن شيئاً ما سيحدث، أرقب كمامته التي غطى بها نصف وجهه، يبدو حازماً، بينما أقول لنفسي: قد يثقب هذا العجوز سطح فمي العلوي، أو أن يخترق مسماره الدقيق رأسي وهو يتحدث ككل مرة أزوره فيها بأن أسناني بحال يرثى لها.. أو أن يغمى عليه من فرط إجهاده فيسقط بثقله علي.. مخيف أليس كذلك؟ ابتلعت ريقي وتمتمت: لا مطلقاً.. رفعت رأسي للتلفاز: المباراة باردة ها..؟ صوت الممرضة تنادي اسمي، نظر إلي، ابتسم.. بدت أسنانه الأمامية مفقودة، قال لي: أليس هذا اسمك؟ قلت: لا، لا.. ليس أنا..