كان مؤتمرا محرضا على الإيجابية، بشكل يصعب وصفه!
إن مجرد مشاركة عشرات الأخوات اللاتي أصبن بالسرطان، وشفين منه، وتقديم كل واحدة منهن نفسها، بأنها ناجية من المرض، بفضل الله، نافذة أمل، لنعلم أن هذا المرض، رغم خطورته، إلا أن الكشف المبكر، والدوري عنه، يمكن أن يسهم، بإذن الله، إلى حد كبير، في السيطرة عليه، والنجاة منه. مشكلة من لا يفضلون الكشف الدوري، أنهم يخافون المجهول، لكنهم يتناسون أنهم بذلك، يفوتون على أنفسهم، فرصة التعاطي المبكر مع المرض، وهو أهم عنصر لمكافحة السرطان ومواجهته بشجاعة تؤهل للشفاء منه.
هكذا كانت أجواء منتدى أصدقاء مرضى السرطان، الوجه الآخر، الذي نظمته جماعة زهرة لسرطان الثدي، في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض. لقد كان لافتا أن تستمع إلى الدكتور عمر المديفر، رئيس قسم الصحة النفسية بمدينة الملك عبدالعزيز الطبية بالحرس الوطني، وهو الذي تعاطى طبيا مع عشرات الحالات، يؤكد أنه تعلم من مرضى السرطان القوة والصلابة في مواجهة مصاعب الحياة، وكيف تهون عليهم الدنيا، لأنهم واجهوا الموت، وانتصروا عليه، ولذلك، فضل المديفر أن يستخدم الذين شفوا من المرض بدلا من وصف، ناجٍ أو ناجية من المرض، منتصر على المرض. لقد كانت القصص التي عرضها المحاضرون، والحضور المشاركون، في مواجهة السرطان، وانتصار أصحابها على هذا المرض، تملأنا بالإرادة، والعزم والإصرار، لا في شأن مواجهة المرض فحسب، بل في شأن التعاطي مع كل مشكلات الحياة، بداية من صغارها وليس انتهاء بكبارها، فليس بعد الموت مشكلة أكبر!
تحدثت إحدى المنتصرات على السرطان، المنتظمات في جمعية زهرة لمساعدة المريضات من أمثالها: قالت لي ممرضتي عندما كنت أتعالج في الخارج، وأنا أتلقى جرعات الكيموثربي، وأعاني من آلام المرض وشحوبه: سنعبر الجسر سويا عندما نصل إليه!
تضيف المريضة الناجية المنتصرة: ملأتني عبارة الممرضة بالاستغراب، فلم استخدمت صيغة الجمع، عندما قالت: سنعبر، نصل؟! كيف كانت تستخدم الجمع في حديثها عن مرضي، وكأنها تشاطرني الألم والأمل؟! إنه مفهوم لم نعتده في التمريض، لم يكن يخطر لي ببال! إذا كنت أمر بالألم أنا وغيري، وهم يشاركونني المعاناة، فلا بد لي أن أكون أكثر صلابة وقوة لأجتاز الصعاب، وأعبر جسر المرض، إلى النجاة، وهذا ما حدث لي!
لقد كان جميلا تأكيد القائمين على جمعية زهرة، الذي لم يقتصر على سرطان الثدي فقط بل امتد ليشمل كل أنواع السرطان، على أنهم لا يريدون من مؤتمرهم أن يلقوا باللوم على جهة أو جماعة أو أفراد، بقدر ما يهدفون إلى العمل من شرائح المجتمع كلها.
من أجل ذلك طالبوا في توصيات مؤتمرهم، بأن يعامل مرضى السرطان، بشكل خاص، بغية حصوله على رعاية طبية مناسبة أثناء العلاج وبعده، مع أهمية استنثاء مرضى السرطان، حسب درجة المرض من بعض شروط التوظيف وضوابط الإجازات وإنهاء الخدمة، وتخصيص بنود خاصة بهؤلاء في وثيقة المرضى الصادرة عن وزارة الصحة.