أعترف أنني كنت من المحظوظين الذين نالوا نصيبا جيدا من حفلات أبها، فيما الكثير من الناس

أعترف أنني كنت من المحظوظين الذين نالوا نصيبا جيدا من حفلات أبها، فيما الكثير من الناس، خصوصا من كانوا وقتها يقيمون في أبها، يتساءلون بحسرة أين نحن من هذه الحفلات؟ حين تعرضها القنوات التلفزيونية - لتمضية الوقت - أو حين تلوح أمامهم من بين مقاطع الفيديو المنشورة في يوتيوب.
وأعترف أيضا أنني من أولئك الذين سعدوا بهذه الفعاليات الراقية.. وهي راقية حقا، رغم بعض الأخطاء التي كانت تتخللها، كأي فعالية أو نشاط موسمي.
أتذكر جيدا، خلال الحفلات القليلة التي حضرتها، كيف اكتشفت بهجة الموسيقى، وكيف كانت مشاعري لحظة خروجي من باب المسرح، وقلبي ممتلئ بالألحان والصوت الجميل، فيما ذاكرتي مشغولة بحفظ مئات المشاهد التي لا تنسى. ومن أهم المشاهد التي لا تنسى، وجود رجالات السياسة والفكر والأدب، بينما تحيط بهم الجماهير، تلك التي كانت تتعلم كيف تسمع الأغنية.
وهو الجمع النوعي الفريد، الذي لم يكن ليحدث -كما أتخيل- لولا جماليات الموسيقى وجماليات الغناء الملتزم.
حفلات أبها لم تكن مجرد فعالية تقام في الصيف لإمتاع الناس وينتهي الأمر، بل كانت صوت الموسيقى الحي. صوت آلات لأول مرة أسمعها في حياتي بشكل مباشر وحيّ. وقبل الآلات، كانت أصوات عدد من العمالقة.. صوت الرواد الذين رحلوا تاركين تجاربهم خالدة في اللحظات والذاكرة.
إن أدق وصف يمكن استعماله في هذا المقام لحفلات أبها، بالنسبة لي وللكثيرين غيري، هو ما قاله الأديب عابد خزندار في حديثه حول تجربة طلال مداح، طلال علمنا كيف نسمع الأغنية، وهو تماما ما حدث من مسرح المفتاحة وحفلاته الغنائيـة.