المشاكل الاجتماعية والمعضلات الثقافية والجرائم الأخلاقية أدت إلى ارتفاع الأمراض الاجتماعية في المجتمع الإسلامي في إيران، وخفضت من مستوى مناعته تجاه الجراثيم المحلية والفيروسات الخارجية

منذ زمن طويل ونحن نقول إن إيران الخميني التي ثارت عام 1979 مدعيةً بأنها ثارت من أجل العودة إلى الإسلام النقي الذي أساء إليه النظام السياسي السابق. ولكن اتضح لنا أنه بعد أكثر من ثلاثين عاماً من الحكم الملالي لإيران، أن الإسلام قد فقد الكثير من شعائره، كما فقد المسلمون ما كان قائماً من قبل.
وكان يُنتظر أن يواصل رجال الدين الذين استلموا السلطة في إيران، أسلمة ما تبقى من المجتمع، والقضاء على جذور الفساد والانحلال والانحراف، إلا أن الأرقام التي أذاعها المسؤول الثقافي الإيراني، وكشف عنها خلال مؤتمر صحفي، تعدُّ الأولى من نوعها من حيث الشفافية، والصراحة، والنقد الذاتي، أشارت إلى تراجع نسبة الالتزام الديني لدى غالبية الشعب الإيراني وخاصة الشباب، حيث تجاوزت نسبة غير المصلين 80%، وتجاوزت نسبة الإباحية 60%، وبلغت نسبة المدمنين على المخدرات 20%. وهي أرقام مرعبة حقاً في مجتمع إسلامي، تحكمه حكومة تدعي أنها دينية، وتسيطر فيه على وسائل الإعلام، ويوجد فيه حوالي نصف مليون رجل دين!
فبعيداً عن النكبات السياسية المتلاحقة التي منيت بها إيران منذ عام 1979 إلى الآن، وكان آخرها الانتخابات التشريعية الأخيرة، فإن الإسلام في إيران قد خسر الكثير على لسان رئيس الشؤون الثقافية في بلدية طهران، الشيخ محمد على زم، عن نسبة الالتزام الديني لدى الشعب الإيراني، وخاصة الطلاب والشباب، فيما يتعلق بأداء الصلاة، والإباحية، والإدمان على المخدرات، أحدثت نوعاً من الصدمة، والدهشة، والذهول، لدى المراقبين والإسلاميين خارج الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وأثارت قلقاً شديداً على مستقبل التجربة الإسلامية، ودفعتهم للتفكير، وإعادة النظر في مخططاتهم الحركية، وبرامجهم للحكم في المستقبل.
فقد صدر تحذير إيراني - قبل سنوات - من أن ظاهرة البغاء، وتعاطي المخدرات، باتت منتشرة بكثافة بين الشبان في إيران، الذين يجهلون أكثر فأكثر القيم الأخلاقية، وخصوصاً القيم الدينية، واحترام الدين.
وقال الشيخ محمد علي زم مدير المنظمة الثقافية والفنية في بلدية طهران إن المخدرات منتشرة بكثرة بين طلاب المدارس. كما زادت نسبة البغاء بين التلميذات بنسبة 635% ، وبلغت معدلات الانتحار رقماً قياسياً مع تخطيها نسبة 109%.
كما أشار الشيخ زم في تقرير رفعه إلى بلدية طهران إلى ارتفاع نسبة الطلاق بين الأزواج. وبات معدل أعمار من يتعاطون البغاء عشرين عاماً، مقابل 27 عاماً قبل عدة سنوات. وقام الدكتور أمان الله قرابي، الخبير الاجتماعي والأستاذ الجامعي في جامعة طهران، بنشر دراسة أكاديمية تناولت معالجة ظاهرة البغاء التي تشمل 300 ألف من بنات الشوارع في طهران وحدها، وتتراوح أعمارهن بين 11 إلى 18 عاماً. ويؤكد الباحث في هذه الدراسة، أن هذه الظاهرة تشير إلى ضعف القيم الدينية في المجتمع.
من ناحية أخرى، وكإشارة واضحة لتدني المستوى الأخلاقي الإيراني أكد الشيخ زم أن طهران تستهلك حوالي خمسة أطنان من المخدرات يومياً. وتصادر الشرطة الإيرانية 250 طناً من الأفيون، ومشتقاته سنوياً.
ومن الناحية الاجتماعية أوضح الشيخ زم أن هناك 12 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، في حين تتفشى البطالة في أوساط الشبان والطبقات الأكثر حرمانا، وحذر الشيخ زم من تزايد حركة النزوح من القرى باتجاه المدن لأنها بلغت أرقاماً مقلقة.
وقال رئيس المؤسسة الثقافية والفنية التابعة لبلدية طهران إن المشاكل الاجتماعية والمعضلات الثقافية والجرائم الأخلاقية أدت إلى ارتفاع الأمراض الاجتماعية في المجتمع الإسلامي في إيران، وخفضت من مستوى مناعته تجاه الجراثيم المحلية والفيروسات الخارجية.
وأيد إبراهيم أصغر زادة عضو المجلس البلدي في طهران كلمة الشيخ محمد علي زم قائلا: إن سياساتنا الثقافية خاطئة، لأننا نتصور أن المواطنين هم جنود في ثكنات، وأكد عدد من أعضاء بلدية طهران صحة هذه الأرقام لصحيفة انتخاب، وأوضحوا أن الشبان والراشدين مهددون، وضحايا لانتشار آفة المخدرات في المدارس والأماكن المخصصة للهو، وممارسة الرياضة في إيران وطبقا لتقرير المخدرات العالمي عام 2005، الذي أصدرته الأمم المتحدة عن مدمني الأفيون في العالم، توجد في إيران أعلى نسبة من المدمنين في العالم!
ويذكر أن سكان إيران يعتبرون الأكثر شباباً في العالم. فهناك 35 مليون إيراني لم يتجاوزوا العشرين من العمر. ولكن للأسف فهؤلاء الشباب معرضون عن أداء الصلاة. فقد قال الشيخ محمد علي زم إن 86% من شبان إيران لا يؤدون الصلاة.
وبالنسبة للانتخابات الإيرانية التي جرت مؤخراً، قالت الأخبار: أظهرت معلومات من مراكز الاقتراع المنتشرة في إيران انخفاضاً حاداً في المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية التي جرت مقارنة بالسنوات الماضية.
ووفقاً لمصادر في المعارضة الإيرانية الإصلاحية أكدت أن الأرقام الحقيقية التي حصلت عليها من جهات محلية تظهر انخفاضاً في نسبة مشاركة الإيرانيين بالانتخابات، وأنها الأكثر تدنياً منذ تأسيس الجمهورية الإسلامية في عام 1980.
فلماذا كل هذا العزوف عن المشاركة السياسية في إيران؟
ولماذا مظاهرات الشعب الإيراني بين وقت وآخر احتجاجاً على ممارسات الحكم في إيران؟
فالشعب الإيراني الآن، يثور ليس احتجاجاً على تزوير الانتخابات فقط، ولكنه يثور لأن إيران خلال الثلاثين سنة الماضية تحولت إلى أكبر (محششة) في آسيا، نتيجة للقهر، والظلم، والطغيان، واحتكار السلطة والقرار.
فالحرس الثوري الديني الإيراني (باسدران) هو الحاكم الفعلي في إيران - كان أحمدي نجاد أحد ضباطه - وهو يذيق الشعب الإيراني القهر، إلى الحد الذي أصبح معه الشعب الإيراني أكبر مستهلك لحشيشة الكيف والأفيون في العالم، حسب تقارير الأمم المتحدة.