إن البنية العميقة لفكر كثير من الناس قائمة على بنية خرافية تفرز الظن وسوء اليقين وتطفو على سطحه التهم والظن والكذب وإذا بحثنا عن ذواتنا من ذواتنا وجدنا أن ذلك ناتج عن جهلنا بما يقع خارج حدودنا ومدركاتنا وفي الطرف الآخر نتناقل الأخبار الظنية ونصدقها دون تحليل أو تعليل وتمحيص وتثبّت ولك في رسائل الجوال والإنترنت خير شاهد ومثال.
وهذا العجز عن قراءة التفاصيل ناتج عن خلل في الثقافة المحلية و خلل في البنية الثقافية والتعليمية والاجتماعية التي كرست ورسخت عقيدة الطاعة للموروث والكبير والأستاذ والأب دون تمحيص ورسخت مبدأ المدح المطلق ووسعت من مساحة روح الولاء المطلق للشيخ والقبيلة مما أدى إلى ضعف حاسة الملاحظة والمنهجية في التفكير القائمة على ملاحقة التفاصيل الدقيقة لترسيخ مبدأ أو التدليل على حكم وقضية قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين حتى صار من عرف مجتمعنا أن نعرف الحق بالرجل مهما كانت درجة بعدنا عن الحق ! ثم مع بعدنا وبقائنا في بقعة الفراغ ندعي وهم الحياد والموضوعية وندلل على القبض على الحقائق الصافية والرؤية الموضوعية لقضية ما ومهما اختلفت رؤية الناظرين وتعددت الأقاويل بألوان ثقافية أخرى تظل الحقيقة في ظننا هي التي نراها، وبهذا الفعل يؤسس لمجتمع متوحد آحادي النظرة حاد الطباع يتربى على الإقصاء والشحناء والبغضاء والكراهية والعدائية حين يخالف في الرأي وربما يؤدي به التشنج والجدال والإقصاء إلى التفكير في سفك الدماء في سبيل خدمة قضيته وفكرته. ثم بعد أن يرى البقعة الحمراء على طاولته ومكانه هو مستعد على أن يبرر هذا الفعل على أنه عمل شريف يؤدي إلى التطهير من الشرور بل ويذهب بها بعيداً فيراها بقعة بيضاء تتسع باتساع بسط يده في سفك الدماء في سبيل نشر أفكاره الظنية.