التقنية صارت هي الأساس، ولا تخلو منها يد كل قادرٍ على اقتنائها. الأجهزة اللوحية والجوالات الذكية كلها صارت خبزاً لحظياً وليس يومياً، حتى إن بعض الأصدقاء صاروا يتعاهدون على وضع أجهزتهم في صندوقٍ أثناء اجتماعهم، لأنهم أحياناً يجتمعون ويخرجون دون أن يكون لاجتماعهم قيمة، حتى إنهم لم يتسامروا أو يتجاذبوا أطراف الحديث، بل يغرق كل امرئٍ بجهازه ساعة أو ساعتين ثم ينفض المجلس وكأنه لم يكن وكأنه لم يكن ضرورياً أصلاً، لهذا مكّنت التقنية عشاق العزلة من أن يكونوا وحدهم في ساعاتٍ فراغهم، يقرؤون كتباً حملوها على الأجهزة، أو يطالعون الإنترنت أو الصحف، أو يتجولون في مواقع التواصل الاجتماعي، أو اليوتيوب والقنوات الفضائية.
حولت التقنية حياتنا، وهي ـ دون شك ـ ذات إيجابيات كبيرة جداً تغرق معها السلبيات. بعض الأمهات أو الجدات حين يدركهنّ الشوق إلى أبنائهنّ ما عليهنّ إلا فصل جهاز المودم، حينها يخرج الكل من المخابئ. وكأن المودم هو جهاز التنفس بالبيت، فالوسيلة الأفضل للسيطرة على الأولاد وجمعهم للمائدة أن يوضع المودم بجوار الجدة، فكلما أغلقته نزلوا وركضوا من أماكنهم زرافاتٍ ووحداناً. هذه هي تحولات الحياة التي تفاجئنا دائماً بها التقنية، لكن يمكن الاستفادة من هذا الانهماك العائلي بالأجهزة الذكية بما هو مفيد، لا أن تكون الأوقات مبددة على برامج المحادثة بشكلٍ ممل، بل يمكنهم الاستفادة منه بالتعلم، وهذا ما أتحفنا به نائب وزير التربية والتعليم لشؤون البنين الدكتور حمد آل الشيخ، الذي أكد أن وزارته أخضعت لائحة السلوك للمراجعة من جوانب مختلفة، قد تسمح باستخدام الآي باد والآي بود في الفترة المقبلة. وأن الوزارة ستطلق حزمة برامج وخدمات إلكترونية ضمن منظومة متكاملة، بعد أن استكملت وزارة التربية والتعليم، توصيل شبكة الإنترنت لمدارسها كافة بمختلف مناطق المملكة كما نقلت عنه الوطن قبل أمس!
قال أبو عبدالله، غفر الله له: طبعاً لا أظنّ ولا يعقل أن يكون الإنترنت وصل إلى كل مدارس المملكة، لأن بعضها لم يصلها الماء أصلاً، لكن لا مشاحة في التعميم، لنبق مع الفكرة الرئيسية وهي الاستفادة من الأجهزة لتنمية مهارات الطالب، وهذا بلا شك مكسب مهم، لأن الوزارة حينها ستحول علاقة الطالب بهذه الأجهزة من علاقة عبثية إلى علاقةٍ جادة ذات مردود عقلي وذهني ومهاري، وهذا ما أسعدني بهذا الخبر، مع تحفظي الشديد على قصة وصول الإنترنت إلى جميع مدارس المملكة.