أعرف تماما أن الحديث عن دعم الفنانين الشباب من أصحاب المواهب ليس فكرة جديدة، وبما أن المشكلة ما زالت قائمة، فإني أرى أن الكتابة متاحة حتى تزول الأسباب الداعية إلى ذلك.
دعاني للكتابة حول هذا الموضوع شاب - كغيره - من أبناء هذا الوطن، بيد أنه يتميز بصوت شجي، ويغني، وأحلامه بسيطة لا تزيد عن الرغبة بأن تتجاوز موهبته حدود المحيط الذي يعيش فيه، وأن يجد حضنا ينمي موهبته الضائعة، ويحميها من أجواء الحفلات الصاخبة والرخيصة بين الأزقة والحواري.
هذا الفتى تملؤه اللهفة والرغبة الجامحة لتعلم المقامات الموسيقية، وإجادة العزف على آلة موسيقية ما، ويبحث - عاجزا - عن لقاء عابر يجمعه بفنان حقيقي علّه يتمكن من إيجاد إجابات لأسئلته الصغيرة العالقة في ذهنه، أو أن يفتح أمامه الأبواب المغلقة، ليتمكن من فك الألغاز الحائلة دون تمكنه من رسم أحرفه الأولى في عالم الفن.
أتساءل فقط، من هم آباء الفن السعودي الذي يمثل وطننا، ومن هم عرابوه؟
إن بحثنا قليلا، فلن نجد سوى اجتهادات فردية، وعباقرة قادتهم الأقدار لانتشال بعض المواهب من طريق ليس له نهاية سوى النسيان، فأصبحوا الآن أعمدة الفن السعودي، وإن فتشنا عن الداعمين للفن في أرشيفنا فلن نعثر إلا على حكايات كـطارق عبدالحكيم اكتشف الفنان الفلاني، وسراج عمر اكتشف فلان العلاني.
فما هي الجهة التي يفترض أن يقصدها هذا الفتى الضائع والحائر بين تهميش رسمي، وغياب للمعاهد الفنية، ورفض جائر من مجتمع لا يرى الغناء إلا ممارسة دونية، وفي أحسن الأحوال فهو هواية لا تستحق التقدير.