تأسست المملكة العربية السعودية على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم بقيادة ونضال صقر الجزيرة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه – وقد كان لتأسيسها على مبادئ الإسلام أعظم الأثر في استتباب الأمن وشيوع الرخاء والنماء وتطور البناء في أنحاء هذه المملكة الرائدة وحتى أصبحت أعظم مثال على صلاحية الإسلام لشؤون الدين والدنيا معا، وعلى أن الأمن والأمان يسيران في ظله وتحت لوائه، ولا أدل على ذلك من أننا نرى بأم أعيننا أحوال العالم المضطربة في كل حين نتيجة لتضارب قوانين الحكم الوضعي وقصورها عن تحقيق الأمن في ربوع العالم بينما تنعم المملكة العربية السعودية بظل وارف من الأمن والاستقرار والنماء بفضل تطبيقها لأحكام الشريعة الإسلامية الغراء.
وقد أوصى المؤسس الباني أبناءه بالسير على النهج الإسلامي العظيم فحافظوا على وصية والدهم الخالدة واستمروا محافظين على مبادئ الشرع محافظة تامة، وكان تفاعلهم مع قضايا العصر يتسم بالمرونة والإيجاب حتى حققوا لوطنهم ألوانا نادرة من النماء والتطور والبناء ونجحوا في الجمع بين الحفاظ على الدين والتجاوب مع الدنيا إدراكا منهم بأن الإسلام دين ودنيا مصداقا لموروثاتنا العقدية القائلة( اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا ) .
ومن المبادئ المهمة التي عني بها الإسلام في شؤون الحكم مبدأ البيعة وهي نهج شرعي نبيل التزم به ملوك هذه الدولة شأنه شأن سائر الأحكام الشرعية السامية، وقد بدا ذلك واضحا في حرص ملوك هذه الأسرة وخاصة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز – سلمه الله – على ترسيخ هذا النهج والتأكيد عليه، حيث ابتدأ حكمة مقتديا بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرصه على تلقي البيعة الخاصة من أهل الحل والعقد وترسيخ دعائم ملكه الراشد في خطبة البيعة الرشيدة التي جاء فيها:
( ... أعاهد الله ثم أعاهدكم أن أتخذ القرآن الكريم دستوري والإسلام منهجي وأن يكون شغلي الشاغل إحقاق الحق وإرساء العدل وخدمة المواطنين كافة بلا تفرقة، ثم أتوجه إليكم طالبا منكم أن تشدوا أزري وأن تعينوني على حمل الأمانة وألا تبخلوا عليّ بالنصح والدعاء .. ) .
ثم تلقى البيعة من كافة المواطنين الذين تدفقوا نحوه بدافع المحبة والولاء برغبة أكيدة ومودة صادقة .
من هنا كانت ذكرى بيعته – سلمه الله – عزيزة على قلب كل مواطن سعودي وكل مسلم في العالم، لأنها تعتبر – بحق – امتدادا تاريخيا مهما للدولة الإسلامية المباركة متأسية في ذلك بعهد الخلفاء الراشدين المهديين، وترسيخا لنصرة كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، وداعية لتثبيت أصول الإسلام ودعائم الأمن في ظل دعوتها إلى توحيد الله تعالى بعيدا عن كل ما يكدر صفو التوحيد أو يشوبه من مظاهر الشرك وشبه البدع والانحرافات العقدية.
والملك عبدالله بن عبدالعزيز – أيده الله – استطاع أن يقود الدولة إلى التربع على عرش الريادة وتحقيق التفاعل البناء والهادف مع قضايا العصر، وتقديم الحلول الناجعة للأحداث العالمية المتجددة والقضايا الإنسانية المتعددة والمشاكل المتعثرة على مستوى الوطن العزيز والأمة الإسلامية والعالم أجمع.
ونحن نحتفل اليوم بالذكرى السادسة لبيعته المباركة يسعدنا أن نقرر هنا ومعنا كافة أبناء هذا البلد العزيز أن ولايته كانت من النعم الجزيلة التي أنعم الله بها علينا، فقد أنجز في هذه الفترة الوجيزة إصلاحات شامخة تدل على أنه فريد عصره ونابغة زمانه وزعيم أمته، وأن الله تعالى وهبه حنكة سياسة نادرة، ومنزلة إنسانية عالية ومحبة راسخة في نفوس شعبه وعالمه العربي والإسلامي، بل والعالم الإنساني أيضا.
وبهذه المزايا النادرة – وغيرها كثير - استطاع تحقيق الرفاهية للشعب، والرقي للوطن، والسلام للعالم حتى شعرنا بأننا لا نزال نعيش في مناخ أسلافنا العظام من أبناء هذه الأمة المجيدة، وهذا يؤكد قبوله عند الله لقوله تعالى: (الذين إن مكناهم في الأرض أقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر)، فهنيئا لنا جميعا بهذا المليك العادل الذي صدق وعده ونصر شعبه وأمته، وندعو الله له بدوام الصحة والعافية والتوفيق والسداد، إنه سميع مجيب.
عدنان محمد أمين كاتب
رئيس مجلس إدارة مؤسسة
مطوفي حجاج دول جنوب آسيا