قال رئيس نادي الأحساء الأدبي السابق المؤرخ والأديب عبدالرحمن الملا إن علماء الأحساء يتهيبون كتابة تاريخهم، مدللاً على ذلك بأنهم لم يدونوا شيئاً عن تاريخ الأحساء سواء الماضي أو الحاضر، ولم يضعوها في مكانتها العلمية، مبيناً أن تاريخ الأحساء لم ينقطع بل توقف عن التدوين، معتبراً إياها سلة غذاء الجزيرة العربية.
وأكد الملا في محاضرة له صباح أمس بخميسية الجاسر، بعنوان من تاريخ الأحساء، على دور المرأة البارز في تاريخ المنطقة، واصفاً نساء الأحساء بأنهن ذوات باع طويل في العلم، مضيفاً أنه كان هناك أربع منهن يتقن قراءة القرآن، وأنه تلقى القراءة على يد امرأة كفيفة.
ونفى الملا في حديثه عن تاريخ الأحساء أن يكون اسم الكوت الذي يحمله أحد أحياء الأحساء، كلمة برتغالية، موضحاً أن البرتغاليين لم يدخلوا الأحساء بل أقاموا على سواحلها فحسب.
وسرد الملا تاريخاً سريعاً للحركة العلمية في الأحساء متمثلاً في التسميات التي توالت عليها عبر تاريخها الذي يعود إلى نحو 5000 سنة، ومنها دُلْمُنْ ثم البحرين وهَجَرْ وهما اسمان مقترنان زمنيا، ثم الأحساء من بداية القرن الرابع الهجري، موضحاً أن كلا من هذه الأسماء كان في الأصل اسماً لمدينة ظهرت وذاع صيتها فأطلق اسمها على الإقليم كاملاً. كما نفى بالمثل أن يكون قصر إبراهيم هو لإبراهيم باشا أحد قادة الدولة العثمانية، موضحاً أن هذا الأخير لم يأت إلى الأحساء، مرجعاً التسمية إلى رجل اسمه إبراهيم أشرف على بناء القصر فسمي باسمه.
ثم تحدث عن القبائل التي انحدرت إليها من جنوب الجزيرة العربية، والكثير من الأجناس البشرية التي جعلتها ملتقى للعديد من الثقافات التي بدورها تفاعلت فأنتجت بيئة علمية متميزة تمثلت بوضوح في الأسواق التي من أهمها سوق هَجَر، وسوق المشقَّر، مؤكداً على أهمية هذه الأسواق التي أصبحت مهرجانات ثقافية على غرار عكاظ، ثم تأسست المدارس التي أنجبت الكثير من الأدباء والعلماء حتى أنك قد تجد أسرة بكاملها شعراء، وضرب مثالاً بأسرة طرفة بن العبد، موضحاً أن الإسلام جاء فوجد أمة مثقفة واعية رحبت به واعتنقته وتحولت هذه البيئة العلمية إلى بيئة إسلامية، بدأت بالبعثات الثقافية وتحولت إلى مدارس للعلوم الشرعية، فكان منها الخطباء والعلماء، مشيراً إلى أنها تميزت بعلماء الطبيعة إلى جانب علماء الشرع، وذكر أسباب تأثر الحركة العلمية والتجارية فيها بعد إنشاء ميناء البصرة، ومن ثم مجيء الدولة الأموية والعباسية التي أهملت الجزيرة العربية كاملة فزادتها ضعفاً.