الزلفي: محمد المحيا

الإسلام يأمر بكفالة اليتامى ورعايتهم وحفظ حقوقهم المشروعة

يعاني بعض الأيتام من قسوة المجتمع، فلم يكفهم ما يعانونه من فقد الأب، ليعانوا مرة أخرى من سوء المعاملة، يتعرضون أحيانا لتعبيرات غير لائقة، من هذه التعبيرات التي تجرح مشاعرهم مقولة إنهم تربية امرأة أي إن من ربتهم امرأة فقط دون وجود الأب.
يقول عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الدكتور عبدالله بن إبراهيم الطريقي إن أصل معنى اليتم الانفراد، واليتم هو فقدان الأب، واليتيم هو من يموت أبوه، وإذا بلغ الطفل اليتيم أو الطفلة اليتيمة زال عنهما اسم اليتيم حقيقة، وقد يطلق عليهما بعد البلوغ مجازاً، كما في قوله تعالى: (وآتوا اليتامى أموالهم)، فسموا يتامى بعد رشدهم بالاسم الأول، الذي كان لهم قبل الرشد.
وأضاف أن من أبرز النماذج القريبة إلى الذهن نبي الرحمة وخاتم النبيين محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، فقد نشأ يتيماً، بل ولد يتيماً، ومن هنا يتبين أن اليتم ما زاده صلى الله عليه وسلم إلا رفعة وعزة وجاهاً عند الله، ثم عند المسلمين بل عند أمم الأرض، ولو استقرأنا تاريخنا الإسلامي في جانب التراجم لوجدنا من الأمثلة والنماذج ما يصعب استقصاؤه وإحصاؤه، سواء في القديم أو المعاصر.
ويرى عضو هيئة التدريس في جامعة الخرج خالد بن فهد البهلال أن اليتم مكون رئيس في نسيج المجتمع العام منذ خلق الله الخلق، فالنوازل والفواجع تصبح الناس وتمسيهم، وإن فقد أحد الوالدين يصنع فراغاً عاطفياً حقيقياً لا يمكن سده، ونقصاً نفسياً كبيراً يصعب تعويضه، فاليتيم يشعر بالنقص العاطفي والاحتياج المادي، ويفتقد شيئاً من متطلبات الحياة ولوازم المعيشة، ووسائل الترفيه، وبعض الخدمات التي لا يمنحها إلا الآباء لأولادهم.
وأضاف أن مما يخفف من شراسة الحالة وقسوتها ما أرسته قواعد الشريعة الإسلامية السمحة من التراحم والتكافل الاجتماعي، حيث جاء الأمر بكفالة اليتامى ورعايتهم، وحفظ حقوقهم المشروعة؛ وتربيتهم وتهيئتهم للحياة؛ في القرآن الكريم وفي الحديث النبوي الشريف مرات عديدة.
وأشار البهلال أن اليتم مع ما ينطوي عليه من الحرمان الظاهر، إلا أن الخير كامن في طيات الشدة، وكم في المحن من منح؟، ومن تقلب في الشدائد، وعركته الأيام، وذاق مرها وحلوها وضراءها وسراءها نضج عقله، وقويت حنكته، وزادت خبرته، وصلب عوده، واشتد ظهره، وسمت نفسه، وارتفعت همته.
وأكد أن من ثقافة بعض ذوي الغفلة والجهال تنقص الأيتام، وتعييرهم بأنهم يفتقدون للرجولة، ويعتريهم الضعف، وعلى حد تعبير بعضهم: تربية امرأة، وما إلى ذلك من الإسقاطات والتنقصات، وهذا مفهوم خاطئ وقاصر، إذ لا يعيب كثيراً من الأيتام أن نشأ في ظل امرأة، فالأم مدرسة، ومربية الأجيال، وصانعة الرجال، وأولادها يتطبعون بطباعها، ويحاكون أخلاقها، ولا يليق تنقص الأمهات المربيات اللواتي صبرن وصابرن، وبذلن جهدهن، وسهرن على التربية والتعليم، وبذلن وأعطين، فيكون جزاؤهن ذماً وعقوقاً
وأشار البهلال إلى أن من قرأ السير والأخبار وجد أن كثيراً من القادة والسادة والعظماء والنبلاء ذاقوا مرارة اليتم، وتجرعوا غصصه، وعلى رأسهم سيد الثقلين صلى الله عليه وآله وسلم، فالأيتام لم يخلدوا للراحة، ولم يركنوا للدعة، وسعوا في صناعة ذواتهم وبناء نفوسهم، ورفع قدراتهم، فنالوا قصب السبق، وفازوا بالقدح المعلى.
وأكد مدير فرع جمعية الأيتام إنسان في محافظة الزلفي سليمان بن علي القشعمي أن الجمعية تقدم الخدمات لأسر الأيتام في محافظة الزلفي والمراكز التابعة لها، موضحا أن عدد الأيتام الذين ترعاهم الجمعية بلغ قرابة الألف ما بين يتيم ويتيمة وأرملة، تقدم الخدمات لهم في بيوتهم حفظاً لكرامتهم عبر ثلاث بطاقات إلكترونية بقيمة 250 ريالا شهرياً لكل فرد، تصرف للأرملة، وتغذى عبر الإدارة العامة في الرياض، وهي بطاقة العثيم للمواد الغذائية، وبطاقة البركة للسحب النقدي، وبطاقة المبارك للملابس.
وأضاف أن من الخدمات أيضاً سداد إيجارات المنازل، وترميم المنازل عبر لجنة متخصصة بذلك، والمساعدة في شراء المنازل، وتقديم جميع الأجهزة الكهربائية للأسر، وتسديد الرسوم الدراسية، وتقديم المنح للخارج، والمتابعة الصحية في كل المستشفيات، والمساعدة في تزويج الأيتام.